المقالات

المملكة ومصر.. علاقات استثنائية واستراتيجية متفردة

لا شك أن الحديث عن العلاقات السعودية المصرية هو حديث لايشبهه الحديث عن أي علاقات ثنائية تربط بين بلدين عربيين، إذ من الطبيعي للقاريء العزيز أنه بمجرد قراءة عنوان هذا المقال يتبادر الى ذهنه تلك الصورة النمطية التي تتحدث عن علاقة بين دولتين جارتين.
ولكن عندما يكون الحديث عن علاقة المملكة العربية السعودية بشقيقتها جمهورية مصر العربية فلابد لنا أن نتوقف هنا – ويجب ان نتوقف – كون الوضع هنا يختلف تماماً، فالعلاقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين هي علاقة من نوع متفرد واستثنائي تماماً، ليس لكون العلاقة بينهما فقط علاقة ضاربة في جذور التأريخ، بل أستطيع القول إنها قد تجاوزت ذلك بمراحل. كما أنها قد تجاوزت أيضاً العلاقات التقليدية التي تبنى على تنسيق المواقف السياسية والتعاون الاقتصادي والأمني وغيره من المجالات المتعددة.
والواقع أن العلاقات السعودية المصرية علاقات استراتيجية برهنت على متانتها وتمبزها الكثير من المواقف والأزمات والأحداث التي كادت أن تعصف بالمنطقة لولا لطف الله، ثم وجود هاتين الدولتين الكبيرتين والمؤثرتين بقيادتيهما الحكيمة: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله-، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبرغم كل المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، إلا أن قيادتي البلدين ظلا – وبفكر عالٍ وثاقب- يستشعران دائماً أنهما يمثلان العمق الاستراتيجي لبعضهما، وهذا الفكر القيادي المسؤول هو الذي أهلهما ليكونا صماما الأمان للمنطقة برمتها.

أما على صعيد اللحمة بين الشعبين الشقيقين، فبحكم أنني قد تشرفت بالعمل في سفارة المملكة العربية السعودية في القاهرة لمدة تزيد عن الأربع سنوات فقد أتاحت لي هذه الفرصة سبر غور جانب مهم من هذه العلاقة المتميزة، وهذا الجانب يتمثل في ما يحظى به مواطنو البلدين، فالمواطن السعودي في بلده الثاني (مصر الحبيبة) يحظى بكل الود والإحترام والتسهيلات، سواءً من حيث إجراءات الإقامة أو التملك وغيرها من الإجراءات التي يتطلبها في حياته اليومية، وهذا ما شجع مئات الآلاف من المواطنين السعوديين للإقامة بصفة شبه دائمة في عدد من المدن المصرية في أمن وطمأنينة وعدم الشعور بالإغتراب.. وهذا ما لمسته شخصياً بحكم طبيعة عملي آنذاك.
وفي المقابل يحظى الأخوة المصريون الذين يعملون في كافة مدن المملكة بكل الإحترام والتقدير وتوفير فرص العمل جنباً الى جنب مع أشقائهم السعوديين، فقد كفلت لهم الأنظمة والقوانين السعودية الحصول على كافة حقوقهم، الأمر الذي منحهم الشعور بالارتياح كونهم يعيشون في بلدهم الثاني. كما أنه لايخفى على الجميع تلك التسهيلات والتعامل الأخوي الذي يحظى به الأشقاء المصريون القادمون للحج أو العمرة أو الزيارة كضيوف للرحمن وأعزاء على قلوب إخوانهم أبناء الشعب السعودي.
بالطبع إن هذا ليس كل ما بمكن ذكره عن العلاقات السعودية المصرية، وإنما هي لمحة سريعة وخاطرة جاشت في نفسي وأحببت ان أطلعكم عليها.
وفي الختام.. هناك حقيقة يجب التأكيد عليها، وهي أنه لا يمكن مطلقاً وصف ما يربط المملكة بشقيقتها مصر، سواءً بالكلمات ولا بالعبارات الدبلوماسية المعتادة، وذلك نظراَ لأن العلاقة بينهما هي علاقة المصير الواحد والشعب الواحد والقضية الواحدة .. قضية الشعب الفلسطيني والقدس الشريف، فالمملكة ومصر بحكم مكانتهما الكبيرة وثقلهما السياسي يتحملان العبء الأكبر في دعم الشعب الفلسطيني المظلوم، والعمل الدؤوب الذي لم تفتأ الدولتان في القيام بواجبهما على مر الزمن تجاه القضية الفلسطينية منفردتين أو من خلال العمل العربي المشترك سعياً لاعادة حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة. حفظ الله المملكة ومصر، وجعلهما ذخراً وذخيرة لبعضهما ولأمتهما العربية والإسلامية.

تعليق واحد

  1. “عندما يكتب العظماء، فإن كلماتهم لا تقتصر على الحاضر فقط، بل تترك أثرًا خالدًا يمتد عبر الزمن.” شكرا استاذي العظيم / محمد الزبيدي على هذه المقاله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى