من أروع الكتب التي قرأتها، كتاب بعنوان: “أجنحة من نار”، يحكي السيرة الذاتية للبروفيسور “زين العابدين أبو بكر عبد الكلام” أو اختصارًا “أبو الكلام”، إنه ثالث رئيس هندي مسلم للهند بعد استقلالها، عرف في بلده وعلى نطاق واسع بلقب “رجل الصواريخ الهندي”، وأصبح بطلًا قوميًا بعد أن عزّز مركز بلده الهند كإحدى دول النادي النووي.
في الكتاب سرد للسيرة الذاتية لـ”أبو الكلام” منذ طفولته المبكرة، وظروفه الصعبة التي مر بها خلال فترت دراسته الأولى في مسقط رأسه بإحدى الجزر الهندية النائية التابعة لولاية نادو جنوب الهند، والأعمال الصغيرة التي قام بها والتي مكنته من دفع الرسوم المدرسية، لأن تلك الطفولة سردت شيئًا من حكايات الهند في العصر الحديث، إذ لا يمكن النظر إلى قدرة الفرد بمعزل عن نسيجه الاجتماعي.
إن اتخاذ “أبو الكلام” قرارًا لأن يكون شخصًا نباتيًا يعود جزء منه بالأساس إلى القيود المالية الصعبة التي عاشها عندما كان طالبًا في كلية (شوارتز) في مدينة راماناثورام، ثم بكلية (سانت جوزيفي) في مدينة ترتيسي، وتوج دراسته في معهد (مدارس للتكنولوجيا) في تخصص دراسة هندسة الطيران لكي يصبح طيارًا في سلاح الجو الهندي؛ ولكن قدر الله -سبحانه- له أن يصبح عالمًا ومهندسًا للصواريخ في الهند، لا جابيًا كما كان يحلم بذلك والده.
كانت حكمة العالم البريطاني مكتشف الجاذبية “إسحاق نيوتن” القائلة: “الوقوف على أكتاف العمالقة” ، في مخيلة “أبو الكلام” على الدوام، من أجل ذلك كان يدين للكثير مما لديه من المعرفة والإلهام، إلى المجموعة المميزة من العلماء الهنود الذين لعبوا أدوارًا بارزة في حياته، وفي تاريخ العلوم في بلده الهند على مر العصور، من أمثال: عالم الفيزياء الهندي (فيكرام سارابهاي)، الذي يُنسب إليه لقب والد برنامج الفضاء الهندي، أو الشاب (أرون تيواري) وهو وأحد من زملائه العاملين في مختبره منذ عام 1982م، والذي قام بعمل ممتاز في إنجاز هيكل الصاروخ الهندي (آكاش النووي)، من البداية حتى تم الانتهاء منه خلال ثلاث سنوات.
الكتاب يحكي قصة الطموح الوطني والجهود التعاونية، إنها قصة الهند بحثًا عن الاكتفاء الذاتي في المجال العلمي، وكفاءتها التكنولوجية، التي بذلتها من أجل التأكيد على سيادتها، وقوتها وأمنها الوطني.
وأختم مقتبسًا من مقدمة الكتاب:
طالما تقاتل الناس تاريخيًا فيما بينهم من أجل قضية أو أخرى -والكلام لـ”أبو الكلام”-، كانت الحروب في الماضي تندلع على الغذاء والملجأ، وبمرور الزمن أصبحت تندلع بسبب الأديان والمعتقدات، وحاليًا تدور رُحى الحروب على التفوق الاقتصادي والمعرفي.
كل نوع من المخلوقات في هذا الكوكب الجميل خلقه الله لأداء دور محدد، وجميع ما أنجزته في حياتي-والكلام لا يزال لـ”أبو الكلام”- لم يكن إلا بفضل الله ومشيئته، فقد أغدق عليَّ فضله بواسطة بعض الأساتذة والزملاء الممتازين. لا يسعني إلا أن أسبح لله سبحانه وتعالى الذي ساعدني في إنجاز جميع هذه القذائف والصواريخ بواسطة شخص صغير يدعى “زين العابدين أبو الكلام”، ليقول لملايين الناس في بلده الهند: إنه ينبغي أن لا يشعروا بأنهم بلا أهمية أو أنهم عاجزون عن عمل شيء.
1
إنها الهند بلد الحضارات المتنوعه والآراء المختلفه والمعتقدات الغريبه ولديها حظاً وافرا من العلماء فى الإسلام ولكنها خطت فى عدة مجالات علميه وبرزت فى علوم التقنيه فهي بلد عظيم ومختصر قصة العالم أبو الكلام مثلا من أمثلة الجد والمثابره عندما يكون للإنسان هدف يسعى لتحقيق. شكرا د. بكرى على معلومات شيّقه ومحفزة لهمم الشباب ..