المقالات

لماذا أحب المملكة؟

كبرتُ وأنا أسمع قصصًا من أبي عن أرضٍ كانت له وطنًا بعمق الروح، كان يحدثني عن المملكة العربية السعودية والكثير من الذكريات تمر أمام عينيه؛ لم تكن مجرد مكان يضم الأصدقاء من التجار أو مساحة لاكتساب الرزق، بل كانت كريمة الضيافة، وركيزة الأخوّة الصادقة.
عمل والدي لسنوات طويلة مع تجار سعوديين، فكانوا نعم الإخوان، يشد بعضهم أزر بعض، ويتقاسمون الأحلام والأعمال بروح سامية.
ورغم أنني لم أعش في المملكة، إلا أن حكايات أبي غرست في نفسي حبا لها لم ينضب. لقد وجدتُ في كل حرف كان يرويه، قِصصاً عن الكرم العربي الأصيل، وعن الوفاء الذي لا يعرف طريقه الخيانة، وعن الحب الذي لا يطلب المقابل.
كبرت وعملت في مؤسسات إعلامية سعودية عدة، وتعاونت مع شركات وجهات وشخصيات عامة، رأيت كلمات أبي حقيقة، وأصبحت مع زملائي نتبادل الضحكات بحب، والقصص بحنين، وكأننا عائلة واحدة، لا تفرق بيننا الأصول أو الجنسيات.
كان أبي يصف كيف يحتفلون معًا بالأعياد والمناسبات، وكيف كانوا يتسابقون ليتفقدوا بعضهم في الأزمات والشدائد، وكنت شاهدا على خطابات عديدة بينهم، من أرض الكنانة إلى أرض الرسالة.
المملكة لنا ليست مجرد أرض، إنها بيتٌ لكل من أحبها وأخلص لها، لم أكن أفهم هذا الحب العميق حتى كبرت، بتلك الروح التي تجعل كل غريب يشعر وكأنه في وطنه.
يا ليت كل بقعة في الأرض تكون كالمملكة، قلب نابض بالحب، وصدرٌ حانٍ يسع الجميع.
في اليوم الوطني السعودي، أقول بكل فخر: نعم، أنا مصري، ولكن المملكة هي الوطن الثاني، هي الأرض التي حبها يتغلغل في قلبي كما يتغلغل هواها في رئتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى