قالوا لي: هيا نحتفل سويًّا باليوم الوطني، قلت لهم وما هو اليوم الوطني؟ قالوا اليوم الوطني 94، قلت: وماذا يعني؟ قالوا يعني يوم إعلان توحيد أجزاء هذا الوطن وبلاده المتعددة في كيان واحد ودولة واحدة باسم المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها العظيم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-.
قلت لهم: ومتى كان ذلك؟ قالوا في 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932 م بأمر مؤسس هذا الكيان العظيم.
قلت لهم: وهل كان ذلك صدفة أو فجأة ؟ قالوا بل كان ذلك بعد ملحمة تاريخية عُظمى قادها عبد العزيز بن عبد الرحمن لأكثر من (30) عامًا ومعه رجاله المخلصين من أسلافنا وأجدادنا وآبائنا، بدأت باستعادة الرياض 1319هـ وتُوجِت بإعلان التوحيد واستظلال هذا الوطن العزيز بظل عبد العزيز ودولة آل سعود المملكة العربية السعودية .
قلت لهم: وماذا يعني لكم هذا الوطن؟ قالوا وطننا. قلت: ما أكثر الأوطان، وهل وطنكم كأي وطن آخر؟ قالوا: لا، ونحن نحبه، قلت: ولِمَ ؟ قالوا: ليس المسؤول بأعلم من السائل .
قلت: والله إنه لخير الأوطان، أليس هذا الوطن مسقط رؤوسنا ومنبت نشأتنا ومسرح شبابنا وفضاء حياتنا، الأرض التي تقلنا والسماء التي تظلنا نتنفس هواءه ونشرب ماءه ونتغذى خيراته، عليه تقوم دورنا وبه مزارعنا ومراعينا ومدارسنا وجامعاتنا وأعمالنا. وأليس هو أديم قبور أسلافنا ووعاء تراثنا وسجل تاريخنا ومسرح أمجادنا ؟ قالوا: بلى .
قلت: وأليس هو أرض حضارتنا وعرصات مكتسباتنا ومنبر ثقافتنا ؟ قالوا: بلى .
قلت: وأليس هو منار ديننا وموئل قيمنا وقسمات هويتنا وموضع عزنا وأساس فخرنا ومعنى مجدنا، وأليس هو قبلة المسلمين وأرض الحرمين ومبعث سيد الثقلين ومهبط الوحي ومنطلق الدين ونواة دولة الإسلام وجماعة المسلمين ؟ قالوا: بلى.
قلت: أليس مكة ومشاعرها المقدسة روح الوطن قد قال -عليه السلام- فيها: “وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ.”
وأليس منه المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى ومهاجر المصطفى ومثواه وطيبة الطيبة التي قال من أحبها صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ”.
وهو الدولة السعودية دولة التوحيد والوسطية والاعتدال، حامية العقيدة ومحكمة الشريعة وباسطة العدل وحافظة الأمن، وناشرة الرخاء وبانية التطور، وناشدة التقدم.
دولة العراقة المتشبثة بتلابيب القيم ومجد التاريخ، المبصرة برؤيتها السعودية آفاق المستقبل، المتطلعة للصف الأول كما أراده الله لها دولة الإسلام والسلام والقيادة والريادة .
وهو الرياض قاعدة الحكم وكرسي الملك وبيت العرب وأمل المسلمين، داعية السلام ومناصرة القضايا الإسلامية والإنسانية.
هذا وطننا السعودي العظيم، أفلا نحبه و نعتز بالانتماء إليه ؟ ألا نحميه ونعادي من يعاديه؟ ألا نفديه بأرواحنا وأموالنا؟ نجمع ولا نفرق، نبني ولا نهدم نعي ولا نجهل، صفًا واحدًا ويدًا واحدة، نذود عن وحدتنا ونحفظ أمننا، ونعزز لحمتنا ونلتف حول قيادتنا ونطيع ولاة أمرنا.
فما أحوجنا إلى ذلك والفتن تحيط بنا والأعداء يتربصون بوطننا، ويكيدون لدولتنا ويحسدوننا عل ما أنعم الله به علينا من صنوف الخير الدينية والدنيوية، ونحن الشعب المسلم الواعي ورثة السلف وخير الخلف -إن شاء الله- الذي عرف قول ربه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ …)(سورة النساء الآية 59)
ختمت مقالي هذا والمؤذن يقول: الله أكبر، فتابعته ثم قلت: ووطننا السعودي أكبر من كل الأوطان.
– أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبد العزيز
لدراسات تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القرى
أسلوب جميل في سرد ملحمة بطولية قادها موحد البلاد الملك عبدالعزيز وكأنه يحكي لنا قصة فلا غرابة في ذلك حينما يكون الكاتب الدكتور عبدالله الشريف بأسلوبه القصصي الماتع وتساؤلاته الشيقة والتي قد أجاب عليها بشيء من التفصيل .