المقالات

اليوم الوطني..«نقطة تحول»

اليوم الوطني، استشعار لذكرى تأسيس وطن ما، ليُشكل ذلك التاريخ مُنعطفًا حاسمًا في صيرورة التاريخ وتُشكل الجغرافيا، إذ يكون يومًا ما نقطة تحول للأرض والناس والزمن وما يرتبط بهذه الكينونات من تفاصيل، وتختلف الدول والشعوب في تعاملها مع مناسبة كهذه؛ إذ إن لها في كل بلد أبعادًا تختلف باختلاف المعطيات، وتتباين بين الحدود العُليا والدنيا للابتهاج.
وفي المملكة العربية السعودية يأتي اليوم الوطني لنستلهم فيه توحيد المملكة والإعلان التاريخي بولادة دولة عصرية حقيقية بعد قرون من الشتات والصراعات والتقلبات والزلازل التاريخية التي لا تسمح للدول أن تستقر؛ إذ لا يكاد يمر عقود أو حتى أقل من عقد حتى يأتي ما ينسف البناء كأن لم يكن، ولا يكاد يخرج الناس من صدمة زوال البناء القديم، حتى يبدأ البناء الجديد بالتصدع والانهيار .
والمتأمل المنصف الواعي للتاريخ يرى في توحيد المملكة عددًا من الوقفات التي تستحق التأمل، ويسأل أسئلة قد تستحيل إجابتها والسؤال الأكبر:
ماذا لو لم يوحّد الملك عبد العزيز هذه البلاد؟
من الذي كانت تغريه هذه القارة الخالية من مصادر المياه والمتطرفة في مناخها وتضاريسها؟
وإلى كم دولة متخلفة كانت ستتشظى؟
أي ثقافة ستسود؟ وأي هوية ستتشكّل؟
لعل أبرز ما نراه على وسائل الإعلام أحيانًا صور المجاعات في بعض دول إفريقيا..
هل يتخيّل أحد منكم أن بلادنا لو لم تقم كدولة ويكرمها الله بهذه الثروات كانت ستكون مجاعاتها وأوبئتها أشد مما يحدث في إفريقيا؟
ونُشاهد أيضًا ما تمر به الشعوب الأخرى في حالات الحروب والفتن والصراعات، وهذا يدعونا إلى التفكير بعُمق، إذا كان سكان تلك الدول المليئة بالخيرات، والأراضي الخصبة والأنهار الجارية، والقوى البشرية المتعلمة والعاملة، تعاني ما تعانيه من تبعات الحروب؛ فكيف ببلادنا التي أغلب أوديتها (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (سورة إبراهيم الآية 37)، والحديث يطول عن نماذج مشابهة من صور في منتهى الفظاعة لو لم تقم هذه البلاد .
وعندما نمعن النظر في اليوم الوطني السعودي، تتأكّد لنا فرضية “فلسفة التاريخ” التي تقول: إن التاريخ لا يحدث عشوائيًا. بل إن هناك إرادة للتاريخ ترتب فيه المعطيات نفسها لتحدث الأحداث التي حدثت بالفعل دون أن يكون هناك أي فرصة لنجاح أي سيناريوهات أخرى مهما كانت .
والنقطة التي يجب التأكيد عليها أن توحيد المملكة لم يكن قرار الملك عبد العزيز بمفرده، برغم أنه الرجل الذي أقدم على أشجع قرار في تاريخ الجزيرة العربية، إلا أنه كان قرار الجميع، وعندما ندعو للملك عبد العزيز -رحمه الله-، لا يجب أن ننسى أجدادنا الذين باركوا قرار التوحيد وبدأوا بتذويب كل ترسبات الماضي في سبيل بناء هذا الكيان العظيم .
نعم… توحيد المملكة نعمة يجب أن نشكر الله عليها، وأن ندعو للملك عبد العزيز -رحمه الله-، ولأجدادنا الذين أيدوا هذا القرار التاريخي.
دام عز الوطن الغالي
و الحمد لله على نعمة (السعودية)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى