( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾
[ آل عمران: 103]
قيض الله للجزيرة العربية من يجمع شتات البلاد المترامية الأطراف في دولة واحدة ويقضي على الخوف والفرقة والفتنة ويؤسس لنهضة قل نظيرها في العالم. نهضة شملت الإنسان والبنيان والعمران على كافة المستويات. لقد أرسى الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه) دعائم الأمن والأمان الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية إلى يومنا هذا بفضل الله تعالى ثم برؤية ثاقبة من قائد عظيم وجهود جبارة من المخلصين. لقد كان تأسيس المملكة العربية السعودية عملا فريدا وجهدا عظيما وكفاحا شاقاً من قائد تحلى بالشجاعة والحنكة السياسية والحكمة. وانطلقت بعد التأسيس مرحلة بناء الدولة ونهضة المجتمع ونموه، وفتح الله سبحانه وتعالى لهذا البلد المبارك بركات السماء والأرض وفتح باب عظيماً هو باب خدمة الحرمين الشريفين وتأمين المقدسات والمشاعر والشعائر التي اختص الله بها هذه البلاد الكريمة.
وخدمة الحرمين الشريفين فضل من الله واختصاص منه يقول سبحانه وتعالى: “وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا يتى للطائفين والعاكفين والركع السجود” البقرة: 125، فلا يشك عاقل بأن إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)، خير وأفضل من الطائفين والعاكفين الذين يأتون إلى البيت، ولكن عندما كانت خدمة الحرم شرف اختص الله بذلك الشرف إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام). وهذا الفضل الذي أكرم الله سبحانه وتعالى به هذا البلد الكريم وقيادته الرشيدة، قامت به المملكة العربية السعودية على أحسن وجه. فتوسعة الحرمين الشريفين، وإقامة البنيان والعمران في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة بلغت حد يعجز فيها الإنسان عن الوصف من جمالها وحسنها.
وأنا شاهد على مرحلة البناء المستمر والنهضة التنموية الكبيرة التي تشهدها مملكة الخير. فلقد جئت إلى هذه البلاد الكريمة صغيرا ودرست المرحلة الثانوية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وتخرجت منها. لقد شاهدت وزملائي من الطلاب السعوديين وغير السعوديين ما يجعلنا شهود على هذا الإنجاز القياسي العظيم الذي شهدته وتشهده المملكة في هذا العهد المبارك. نحن شهود على قصة الإنجاز والبناء التي بدأت قبلنا وامتدت إلى علو البنيان وعمارة الأرض وبناء الإنسان، وانتشار المشروعات التنموية على أرض المملكة العربية السعودية الشاسعة، وقامت معالم الحضارة والعظمة التي حققت “عشت فخر المسلمين”.
لقد تخرجت من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وفيها خمس كليات فقط، اليوم تضاعفت أعداد الكليات وتنوعت العلوم. اختلفت المباني بجمالها واصبحت الجامعة تعتمد مقاييس الجودة العلمية العالمية العالية. وأرى زملائي من الطلاب السعوديين الذين درسوا معي عمداء للكليات وقادة للجامعة والحمد لله رب العالمين . هذا التطور الذي تشهده الجامعة الإسلامية تشهده كذلك كل جامعات المملكة في هذا العصر المبارك. ففي هذا العصر المبارك يتم بناء صروح علمية كبيرة وجامعات في كل مناطق المملكة وكليات ومعامل ومكتبات كل ذلك في قلب الصحراء لتحقق “عشت فخر المسلمين”.
وفي اليوم الوطني اتقدم بالتهنئة القلبية للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا وأقدم واجب الشكر على ما حظيت به وزملائي من من خريجي الجامعات السعودية الذين تلقوا علومهم بها وحفظوا بحفاوة وكرم للمملكة العربية السعودية وقيادةتها وشعبها. نسأل الله أن يديم نعمة الأمن والأمان ويحفظ هذه البلاد ويجعلها دائما “عشت فخر المسلمين”.