المقالات

السعودية… دولة الحقوق والكرامة والإنسانية للمواطنين والمقيمين

إنّ السعودية “أعظم قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين، وهي قصة هذا القرن”، هكذا وصفها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وأقوى الشخصيات تأثيراً في العالم -حفظه الله-. وتلخص هذه العبارات طموحات تبلغ عنان السماء وتعكس قصة نجاح ومسيرة كفاح ملهمة تمكنت خلالها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- من تجاوز التحديات بهمة وعزيمة وتحقيق نهضة حضارية شاملة جعلتها رمزًا للمجد ومركزًا للقوة والتقدم في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والدبلوماسية والإجتماعية والثقافية والإعلامية والتكنولوجية، وتتبوأ مكانة ريادية إقليمية ودولية، إلى جانب موقعها الجغرافي والجيوسياسي المتميز، وما تتمتّع به من ثروات إقتصادية وبشرية ضخمة وتطور تكنولوجي، فضلًا عن مكانتها الدينية كقبلة للمسلمين حول العالم.

ورغم التحديّات العالمية وتفاقم الجوائح، الأزمات، التوترات والمخاطر الجيوسياســية، وفي حين سيطرت التوقعات العالميّة المتشائمة؛ تعاظم التفاؤل وبلغت الطموحات عنان السماء في المملكة، ووُظِّفت جميع الطاقات، بهمّة وتحدٍّ وبخطى وعزيمة ثابتة وواثقة وقوية نحو مُستقبلٍ مشرق عبر خارطة طريق تقود لنهضة شاملة في مختلف المجالات تضمّنتها رؤية السعودية الطموحة 2030 التي شملت إصلاحات تاريخية ورؤية تنموية وإنفتاح نحو التحــوّل الإقتصــادي والنمو والإزدهار والقوّة والأمن والإستقرار، ومن ثم تحديثٍ شاملٍ للمجتمع السعودي بصورة جذرية حيث أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز–حفظه الله– أنّ هدفه الأول “أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة.”

ولقد تمكنت المملكة بفضل سياساتها وحنكة وحكمة قيادتها من تحقيق معجزة بتطوير مختلف أوجه الحياة خلال سنوات قليلة وقطع أشواط مهمة على درب تحقيق التنمية المستدامة والتَمَوْقُع إقليميًا ودوليًا وقاريًا إذ تُعتبر اليوم من أكبر عشرين إقتصادًا بالعالم، وأكبر وأقوى إقتصاد بالشرق الأوسط، وأكبر مُصدِّر للنفط بالعالم، وهي ليس فقط عنصرا أساسيّا في الإقتصاد العالمي بل هي قوة إستثمارية في قلب الإقتصاد العالمي ومركزاً عالمياً لأهم الأحداث السياسية والإقتصادية والرياضية والثقافية والترفيهية، فضلا عن إستضافتها قمماً سياسية إقليمية ودولية. وهو ما مكّنها من الدخول إلى مجموعة العشرين الدولية ورئاسة قمة العشرين في 2020 تأكيدًا لمكانتها المحورية عالميًا، ولزعامتها للعالم الإسلامي وإلتزامها الأخلاقي والإنساني وللدور الريادي والمؤثّر للقيادة الحكيمة محلياً ودولياً، التي أثبتت للعالم أجمع أنّها الأقوى والأنجح في قيادة الجهود الدولية على جميع الأصعدة والتعامل مع الأزمات في أصعب الظروف سياسياً وإقتصادياً، وأنّ المملكة لم تَعُد مجرّد صحراء وبعير وخيمة وماعز؛ بل أصبحت اليوم الدولة الأسرع تطوّراً ونمواً في العالم، بها أفضل شعاب مرجانية، وأجمل غابات وواحات وجزر إستوائية وجزر جبلية وجزر رملية، وجبال ثلجية ووديان؛ وهي الدولة الوحيدة القادرة على قيادة العالم وليس المنطقة فقط.

هذا إلى جانب سعي المملكة الحثيث لتعزيز الإستقرار وتوفير أسباب الطمأنينة والأمان، لينعم به كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة من المواطنين والمقيمين، ومكافحة أشكال الإرهاب والفساد وحرصها على السلام وحل الأزمات وتقديم المساعدة لجاراتها والعون لجميع الدول المحتاجة، والوقوف ضد من ينتهك حق من حقوقها. ولا ننسى أيضا قيامها بواجبها في خدمة زوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف وتوفير جميع الخدمات وتسخير جميع الطاقات للقيام بالمهمة التي شرف الله بها هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين.
كل ذلك جعل السعودية العظمى، التي أبهرت العالم بنجاحاتها وإنجازاتها، محل إستهداف وإساءة سواء من قبل أعداء النجاح أو الحاسدين والحاقدين والمتنكرين المتخفين وراء أجندة مُموّلة، محاولين، عبثا، إستفزاز المملكة أو إبتزازها أو تشويه صورتها أمام المجتمع الدولي، إمّا حسدا من عند أنفسهم أو حنقاً وغيضاً وتوجُّساً من نجاح ينافسهم أو تغطية على فشلهم وإخفاقاتهم وذلك بمحاولة عرقلة وتشتيت جهودها وإفشال خططها وإيقاف نموّها أو مصادرة إرادتها عبر الإستعانة بالعملاء والمرتزقة وتكريس لوبيــات الإعلام الفاسد، المتآمر والمأجور لمثل هذه المهمات.

ويُعتبر فيلم “حياة الماعز”The Goat Life)) الذي تم إنتاجه بتمويل هندي – أمريكي وعرضه على شاشات السينما العالمية وعلى المنصات الإلكترونية، أحد أبرز صور التشويه والتآمر السياسي على السعودية حيث استند الكاتب الهندي بليسي إلى رواية «أيام الماعز» للكاتب الهندي بنيامين الصادرة عام 2008 والتي تحكي قصة شاب هندي قدم إلى السعودية في تسعينات القرن الماضي، وجرى استغلاله وأُجبِر على رعي الغنم وعاش سنوات قاسية وعنيفة حتى تمكن من الهروب والعودة إلى بلاده؛ ليقدمها على أنّها قصة حقيقية تعكس الوضعية اللاإنسانية والمعاملة المهينة للعمالة الهندية في السعودية، ضحايا العنف والقهر والظلم في قلب الصحراء الشاسعة، مثلهم مثل الماعز والإبل. وقد تعمّد الفيلم الإستناد إلى حالة إنسانية فردية لأهداف غير إنسانية وقلب الحقائق والتحريف والتهويل والمبالغة بهدف التضليل والمغالطة بما يجعل من حالة استثنائية شاذة سمة عامّة تُوحي للعالم وكأنها الصورة الحقيقية لتلك الدولة ولذلك الشعب؛ بينما الواقع مختلف قطعاً والقصة الحقيقية مغايرة تماماً ولا تعكس أبدا البشاعة التي تم تصويرها في الفيلم على أنها الحقيقة المطلقة في محاولة بائسة للإساءة للسعودية وشعبها ومنطقة الخليج بأسرها والعرب والمسلمين ولأهداف سياسية بالأساس. ذلك أنّه وفي مناطق كثيرة من العالم، في الهند نفسها، تُمارَس أنواعاً قاسية من أعمال الإستعباد وضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ إذ يسود أبشع أنماط الإستغلال ضد عشرات الآلاف من الفتيات القصر، وتنتشر تجارة وإسترقاق الأطفال بشكل مذهل، كما يتعرّض المسلمون إلى أبشع أشكال الظلم والتمييز والتعذيب. كما تمارس في عدّة دول أخرى وحتى الغربية منها كافّة أشكال التعسف والقهر والعبودية سواء في أشكالها التقليدية أو الحديثة. ورغم ذلك لا يتم التطرّق إلى هذه الحالات والجرائم المنشرة والقضايا الإنسانية والتنديد بها من السينما الهندية المعروفة بطابعها المعتاد من الخيال والرومانسية والإنفعالات والمبالغات والإستعراضات. وهو ما يؤكّد لعبة إزدواجية المعايير المكشوفة والإنتقائية والإستهداف الواضح للعرب والمسلمين والمجتمع الخليجي بشكل عام، والمملكة العربية السعودية وشعبها الكريم بصورة خاصة والأهداف المغرضة وراء هذه الضجة الكبرى حول حالة متفردة وشاذة تم تزييف حقيقتها وتشويهها لتعكس صورة مضللة عن وحشية مزعومة وتعامل غير إنساني ومهين يتعرض له العاملون في المملكة ومعاناة كبيرة تنتظر كل من يحلم بالقدوم إلى دول الخليج العربية من أجل العمل.

هذا التجني الواضح والرسائل السلبية التي حاول الفيلم تقديمها جعلت منه عملا يفتقر إلى كلّ إبداع وموضوعية وحياد، ويقع في التحامل والإساءة المجانية والتشويه المتعمد، فضلا على أنّه جاء متأخرا جدا في طرح وضعية وحقوق العمال الأجانب في السعودية؛ بل ومتعمّدا تجاهل التقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في هذا المجال والذي جعل منها اليوم واحدة من أكثر الدول تقدماً وجذباً لطالبي العمل من كل أنحاء العالم حيث تستضيف على أراضيها حوالي تسعة ملايين من غير السعوديين القادمين إليها للعمل في مجالات متنوعة، وذلك لما تشهده من تحولات جذرية في نظام العمل، تتمثل في إطلاق سلسلة من المبادرات والإصلاحات الهدف منها تحسين بيئة العمل وضمان حقوق العمال الوافدين. وفي هذا الإطار أصدرت الدولة عديدًا من الأنظمة والتشريعات والقرارات الوزارية وغيرها، كما تم تبني آليات رقابية أسهمت في تحسين أوضاع هؤلاء العمال، وتعزيز حقوقهم ومنها: إصدار «لائحة عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم»، إلزام أصحاب العمل بتوفير التأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص، إبرام اتفاقيات ثنائية بين المملكة والدول التي تفد منها العمالة، تطبيق ومراقبة الالتزام بحظر تشغيل العمال تحت أشعة الشمس من الساعة 12 ظهرًا إلى الساعة الثالثة مساءً، خلال الفترة من بداية شهر يونيو إلى نهاية شهر أغسطس من كلِّ عام. وتحظر أنظمة المملكة أيضا بشكلٍ خاص التمييز الديني في مجال العمل، إضافة إلى برنامج حماية الأجور وتحديد مدى التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت المحدد وبالقيمة المتفق عليها. كما أطلقت السعودية العديد من المبادرات والبرامج وأنشأت المحاكم والدوائر العمالية، وهيئات تسوية الخلافات العمالية. ومن ضمن جهود المملكة أيضا «مكافحة الإتجار بالبشر»، حيث حظر نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في المملكة لعام 1430هــ، كافة صور وأشكال الاتجار بالأشخاص وتضمن عقوبات مشددة.
وفي ظل رؤية المملكة 2030 صدرت العديد من الأنظمة واللوائح والأُطر المؤسسية لتعزيز حماية حق العامل، بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان ومعايير العمل الدولية، وأجرت في هذا الإطار تعديلات متلاحقة على نظام العمل وقامت بإلغاء نظام الكفالة، وإطلاق مبادرة “تحسين العلاقة التعاقدية” وإطلاق منصة أجير وتطوير برامج التأمين الصحي والإسكان للعمالة الوافدة، مما يسهم في رفع مستوى معيشتهم وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية بجودة عالية. إضافة إلى تخصيص رقمًا موحدًا لاستقبال شكاوى العمال الوافدين بعدة لغات. هذه الجهود جعلت السعودية ترتقي إلى المركز الثاني كأفضل دولة للعمالة الوافدة في العالم وفقا لنتيجة استطلاع رأي أجرته شبكة “InterNations” الألمانية في يوليو 2024.

ويتّضح ممّا سبق أن المملكة شهدت نهضة تنموية شملت كافة المجالات بما فيها تحقيق جودة الحياة لكل من يوجد على أراضيها وضمان عدم تعرضه للإستغلال وسوء المعاملة ولم تفرق في خدمتها ورعايتها بين مواطن ومقيم. ويشهد العالم أجمع أنّها الدولة النموذج في حماية وحفظ حقوق الإنسان وفقا لتعاليم وتوجيهات الدين الإسلامي العظيم، وإذا كانت الشواهد والدلائل في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان في تاريخ وحاضر المملكة لا حصر لها؛ فإنّه تكفي الإشارة إلى مجهودات المملكة في حماية الجميع دون إستثناء، مواطنين ومقيمين وحتى المخالفين لنظام الإقامة أثناء الأزمة الصحية العالمية لفيروس كورونا المستجد “كوفيد “COVID – 19، كما يبرز جلياً من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله – الذي تضمنت كلماته الكريمة كل المعاني السامية لحقوق الإنسان أياً كانت توجهاته الدينية وخلفيته العرقية وجنسيته الدولية؛ حيث جاء فيه ما يلي: ” … أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم للمواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية، إنّ القطاعات الحكومية كافة وفي مقدمتها وزارة الصحة، تبذل كل إمكانياتها لإتّخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة المواطن والمقيم…”

وفي الختام من الأهمية التأكيد على أنّ الدور الريادي والمحوري والنموذجي للمملكة العربية السعودية وطنيا وإقليمياً ودولياً في مجال حقوق الإنسان وحفظ كرامته ثابت للعالم أجمع ولعقود متتالية وكل محاولات التشويه والإساءة مهما بلغت درجتها لن تنال من المملكة ولن تكون عقبة في الطريق إلى السعودية العظمى بل أنّها تزيد قيادة الوطن ثقة بالمسار وإصراراً على مواصلة النجاح كما أكد ذلك سمو الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله-، بعزيمة عالية، وهمة كبيرة، وطموح لا حدود له حين قال: “لا توجد قوة في العالم تستطيع إفشال رؤية 2030.”وبذلك ستظل السعودية بفضل الله تعالى وحكمة قيادتها وكرم ونبل شعبها مملكة العزّ والإنسانية حيث ينعم الجميع مواطنين ومقيمين بالكرامة والأمن والإستقرار.
حفظ الله المملكة وقادتها وشعبها وأدام عزها ومجدها ووحدتها وجعلها دائما مناراً للخير والإنسانية وعنواناً للسلام والأمن.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button