المقالات

في ذكرى يومنا الوطني المجيد.. قواسم مشتركة بين «المؤسس والحفيد»

عندما تأتي ذكرى اليوم الوطني تتماثل أمامنا صورة القائد الموحّد والباني العظيم جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، الذي وحّد وأسس وبنى الكيان والإنسان على هذه الأرض الطاهرة، فيزداد إيماننا بالله العلي القدير الذي منّ علينا بنعمة القيادة الرشيدة، ويزداد تمسكنا بوشيجة التلاحم بالتراب، وتزداد عزيمتنا في الحفاظ على العهد والبر بالوطن والتضحية من أجله بالغالي والنفيس، ثم لنكتشف في نهاية المطاف أن اليوم الوطني يعني الملك عبد العزيز الذي جمع الشمل، وحقق الآمال، ووحّد القلوب والأفئدة قبل أن يوحد التراب.
عندما تأتي ذكرى اليوم الوطني، تتجدد مشاعرنا في عشق الوطن، وتتعزز معاني الهوية والانتماء في وجداننا وكياننا، فيصبح الوطن أيقونة وأنشودة ورسالة محبة بين القيادة وشعبها الوفي تشهد على عظمة الوطن وشموخه، وتذكر الأجيال بأن المملكة العربية ليست مجرد بلد ونفط وحنطة ونخيل وآمال معقودة وطموحات بلا حدود، وإنما أيضًا كيان راسخ يضرب في جذوره أعماق التاريخ، وقيادة غير قابلة للانكسار تضطلع بمسؤولية عظيمة في الحفاظ على تراب الوطن وحريته واستقلاله، وتعلية أمجاده وبناء مستقبل أجياله، وشعب أبي شيمته الوفاء وطبعه الإخلاص يبني بسواعده قواعد المجد في أرجاء الوطن.
عندما تأتي ذكرى اليوم الوطني، أبحث عن الوطن من حولي، فأجده ماثلًا أمامي أمنًا واستقرارًا وإنجازًا وتقدمًا ورخاءً، أراه حرمًا آمنًا، ومدنًا عامرة زاهرة، وجامعات ومعاهد وصروحًا علمية وعزًا وفخارًا، أراه مزدهرًا، مرفوع الهامة، سائدًا مكانةً وموقعًا وقرارًا، فأحمد الله على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى التي أسبغها الله -عز وجل- على بلادنا الغالية التي أكرمها الله وأعزها عندما جعلها أرض الحرمين الشريفين، وأدعو الله تعالى أن يحفظ هذه النعم على الدوام.
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى 94 لليوم الوطني تحت شعار “نحلم ونحقق”، وقد تحقق، ولله الحمد، العديد من أهداف رؤية 2030- لا بد من الإشارة إلى “الحلم” كمكون أساس في المسيرة السعودية المباركة، وقد ظل الحلم في مملكتنا الحبيبة مرتبطًا بالرؤية، التي شكّلت هي الأخرى ركنًا أساس في بنية كيان هذا الوطن التليد. ولعله ليس من قبيل المصادفة القول: إن تجديد الحلم والرؤية السعودية ساهم في النقلة الحضارية الجبارة التي شهدتها- وتشهدها- مملكتنا الحبيبة من خلال عهدين: عهد القائد المؤسس الملك عبد العزيز، وعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده المحبوب سمو الأمير محمد بن سلمان.
ويمكن القول في البداية: إن القيادة الناجحة هي التي بإمكانها الحفاظ على وحدة وسلامة الوطن، والعبور به نحو آفاق المستقبل بأمان، وتحقيق أهدافه التنموية التي تخدم تطلعات المواطن في الأمن والاستقرار والرخاء. لذا يمكن القول استنادًا إلى هذه المعايير أن الله -عز وجل- أكرم هذا البلد الأمين بالقيادة الرشيدة بدءًا من عهد القائد الموحد والباني العظيم جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز آل سعود حتى الآن، عندما كرست تلك القيادة جهدها من أجل تحقيق مصلحة الوطن وآمال المواطن، وهو ما نلمسه بشكل واضح في هذا العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان الذي استطاع أن يُقدم نموذجًا متكاملًا للقيادة الناجحة، بحكمته، وشجاعته، وعزيمته الجبارة، وفكره المستنير، وقراراته الصائبة، وبُعد نظره، وقدرته على استشراف آفاق المستقبل، وإخلاصه لوطنه وللرعية، ومحبته لشعبه ومحبة الشعب له. إلا أن أهم ما ميز الشخصية القيادية لسموه الكاريزما التي يتمتع بها، وسياسة الحزم والعزم التي تميز هذه الشخصية، وتحويله المملكة العربية السعودية إلى وطن للحالمين: صنّاع المستقبل وبناة الغد الذي تتحقق فيه آمال المواطن وطموحات القيادة.
ولا بد لنا من وقفة ونحن نتحدث عن شخصية سموه؛ لأننا لن نجد صعوبة في مقارنة تلك الشخصية بشخصية جده الملك عبد العزيز – يرحمه الله – خاصة فيما يتعلق بالحزم والعزم، والحلم والرؤية، إلى جانب الصفة المشتركة بين الجد والحفيد في العمل من أجل النهوض بالمملكة إلى مصاف الدول الكبرى وتنمية علاقات المملكة بدول العالم قاطبة.
فالحزم ضد كل من تسوّل نفسه محاولة زعزعة استقرار المملكة أو تهديد أمنها، و”حسم” الجدل والخلاف حول مستقبل السعودية بقرارات رسمت ملامحها إستراتيجية تهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن بالدرجة الأولى. والعزم: الإصرار على مواصلة التنمية المستدامة، ومحاربة الفساد، وتلبية تطلعات المواطنين، والمحافظة على الأمن والاستقرار، والعمل من أجل تحقيق السلم والأمن في المنطقة. ولا بد لنا من وقفة طويلة ونحن نتحدث عن الحلم والرؤية عند الملك عبد العزيز وحفيده محمد بن سلمان، فقد كان حلم الملك عبد العزيز أن يوحد تراب وإنسان هذا الوطن، ويمضي به إلى الأمام ليكون وطنًا عزيزًا مكينًا شامخًا، فجاء الواقع الذي حققه الملك عبد العزيز أجمل من الحلم. وكذا كان حلم الأمير الشاب محمد بن سلمان عندما راهن على صعود المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة صناعة واقتصادًا وعلمًا وتكنولوجيا، فتجاوز الواقع هذا الحلم عندما تحققت للمملكة الريادة في العديد من المجالات، وأصبحت إحدى دول العالم المتميزة تقدمًا ورفعة ونهوضًا، وكانت رؤية الملك عبد العزيز في وطن تجتمع له مقومات المجد والفخار، ويتمتع فيه المواطن بالأمن والاستقرار والرخاء، فكان أن تحققت تلك الرؤية لتتبوأ المملكة مكانتها المرموقة على الخارطة الدولية. وكانت رؤية سمو الأمير محمد بن سلمان (رؤية 2030) التي وضعها سموه عام 2016 تعبر عن خارطة طريق طموحة ترتكز على مكامن القوة التي وهبها الله لهذه الأرض، وهي: العُمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، والموقع الإستراتيجي بين ثلاث قارات. وإذ وضعت الرؤية في صميم أولوياتها تمكين المواطنين، وتنويع الاقتصاد، وتعزيز ريادة المملكة العالمية، كانت محاورها الثلاث هي بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
كما لا بد من الإشارة هنا إلى صفة مشتركة مهمة بين الملك وحفيده، وهي إشادة جهات عالمية لها وزنها بهاتين الشخصيتين المتميزتين، ولا أدل على ذلك من عشرات الكتب والصحف والمجلات التي صدرت بلغات عدة وأشادت بالملك عبد العزيز، وبما أشادت به جهات إقليمية وعالمية عديدة بما يتمتع به سمو ولي العهد من مكانة مرموقة من بين زعماء العالم وحصوله على شخصية العام من قبل العديد من الجهات الإعلامية، ومنها جائزة شخصية العام القيادية لدعم رواد الأعمال لعام 2013م، الممنوحة من مجلة “فوربز – الشرق الأوسط”. وقد أظهر استطلاع أجراه مركز أبحاث أسترالي في ديسمبر عام 2021م، أن الأمير محمد بن سلمان، يُعد الشخصية الأعلى شعبية بين زعماء العالم في إندونيسيا، وأن شعبيته تفوق شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ. وفي عام 2017 اختارته مجلة “التايم” الأمريكية الشخصية العالمية الأكثر تأثيرًا، وفي ذات العام اختارته وكالة “بلومبرغ” الأمريكية ضمن “قائمة الخمسين” الخاصة بأكثر 50 شخصية في مجال الاقتصاد والسياسة والثقافة والتكنولوجيا، ممن تَرَكُوا أثرًا على مسار التجارة بالعالم خلال عام 2017م.
وفي عام 2018، اختار الشباب العربي الأمير محمد بن سلمان الشخصية الأكثر تأثيرًا في استطلاع شمل آراء الشباب والشابات في 16 دولة في منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، مقابل عدد كبير من الشخصيات العالمية، ضمت ذلك الوقت الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وآخرين. كما أظهر استطلاع “أصداء بيرسون- مارستيلر” السنوي العاشر لرأي الشباب العربي 2018، أن إصلاحات ولي العهد، ومحاربته الفساد، والسماح بقيادة المرأة السيارة، واتخاذه خطوات عديدة لإصلاح الاقتصاد والمجتمع والأمن في المنطقة، كانت وراء اختياره شخصية “مُلهمة للشباب العربي”.
إننا في هذه المناسبة الوطنية العزيزة، علينا كشعب سعودي أن نحمد الله ونشكره على نعمة القيادة التي وفرت لنا الأمن والاستقرار والرخاء، وأن ندعو الله -عز وجل- أن يحفظ لنا هذه القيادة الملهمة، وأن نبذل كل ما في وسعنا من أجل العمل على رفعة الوطن ونهوضه، وأن نضحي ونعمل سويًا من أجل أن تظل المملكة العربية السعودية وطنًا حرًا مستقلًا عزيزًا مستقرًا سائدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى