لا يعرف الكثير من الناس أن سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” اشتهرت بسرعة البديهة، أو ما يسمى بالرد المسكت، إضافة لخفة الظل والمقالب والمواقف الطريفة التي كان طرفها الثاني أصدقاؤها من المثقفين والشعراء والملحنين وغيرهم. وهنا بعض من هذه المواقف الطريفة التي جمعتها بأصدقائها وبغيرهم في تلك الفترة، والتي تظهر خفة ظلها وطرافتها:
يقال إن السيدة “أم كلثوم” كانت تحضر مباراة في كرة القدم، وكان يجلس بجانبها في المقعد أحد الباشوات، الذي كان قصير القامة وضئيل الحجم. صادف أن فتحت أم كلثوم حقيبة يدها لتخرج منديلها، فنظر الباشا إلى داخل حقيبتها مداعبًا، فقالت له أم كلثوم: “حاسب يا باشا أحسن تقع فيها.”
وفي إحدى حفلاتها الغنائية، وبعد انتهائها من الوصلة الأولى، نهض المدعوون إلى البوفيه. وسارت أم كلثوم بين أمير الشعراء “أحمد شوقي” وشاعر النيل “حافظ إبراهيم”، وكان كلاهما في تلك الفترة متقدمين في السن وقد تقوس ظهر كل واحد منهما، فابتسمت أم كلثوم وقالت: “أنا دلوقت بين قوسين.”
ومن أطرف المواقف، يُروى أن لها جارًا دمه ثقيل جدًا، وكان يفرض نفسه عليها كثيرًا، ويحرص على المجيء إلى منزلها دون موعد لشرب الشاي والقهوة. صادف في إحدى المرات أن ذهب إلى شقتها كعادته، وكان لديها ضيوف. قامت بتقديم الحاضرين، وحين جاء الدور على جارها ثقيل الدم قالت: “دا بقى جار ثومة” وتعني “جرثومة” لثقل دمه.
وذات يوم كانت غاضبة من صديقها الصحفي الكبير “محمد التابعي”، وحين شاهدها وهي تغادر منزلها حاول استغلال الفرصة ليصالحها، فقال لها: “حضرتك رايحة فين؟” فأجابته أم كلثوم: “حدايق القبة”، فقال لها: “كويس عشان توصليني معاكي”، فقالت له: “أقولك حدايق القبة.. مش حدايق نفسي.” وتبادلا بعدها الضحكات.
وفي إحدى الحفلات التي أقامتها المفوضية السعودية بالقاهرة، وكانت السيدة “أم كلثوم” من المدعوين، وقع نظرها على رجل قصير القامة يرتدي الزي العربي، ويتدلى من جانبه سيف طويل نسبيًا وبشكل مبالغ فيه. فهمست أم كلثوم في أذن صديق لها كان بجوارها على الكرسي وهي تشير إلى ذلك الرجل باللباس العربي: “الراجل ده ذنبه إيه عشان يعلقوه في السيف ده.”
وأحد المواقف الطريفة أيضًا كان مع رفيق رحلة إبداعها الشاعر الكبير “أحمد رامي” الذي كان له ابن اسمه “توحيد”، وكان رامي يدلل ابنه باسم “توحة”. وذات يوم كانت أم كلثوم في زيارة لمنزل أحمد رامي، وعندما رأت ابنه سألته عن اسمه، فرد قائلاً: “توحة رامي”، فضحكت أم كلثوم وقالت: “يا سلام.. تو حرامي”، وكانت تقصد بذلك كلمة “TWO” باللغة الإنجليزية وتعني اثنين.
وأختم بموقفها حين طلب منها مذيع إحدى اللقاءات قراءة قصيدة أغنية “ثورة الشك” للأمير الشاعر عبد الله الفيصل في بداية الستينات. وحين بدأت بقراءة القصيدة، أبدى المذيع إعجابه بأسلوبها في قراءة الشعر، مؤكدًا أن المستمعين سيطلبون منها أن تقدم حلقات تقرأ فيها الشعر. وسألها عن رد فعلها إذا طلب الجمهور ذلك، فأجابت بخفة ظلها: “كويس يبقى تغنوا إنتوا بقى.”