منذ طفولته، كان يعاني من رهاب المرتفعات الذي تطور لاحقًا إلى فوبيا. امتنع عن ركوب الطائرات طوال حياته، وكان يجد السلوى الوحيدة في أحلامه عند سماعه أغنية طلال مداح الشهيرة:
في سلم الطائرة بكيت غصبا بكيت
على محبين قلبي عندما ودعوني
لطالما عاش تلك الأجواء في خياله، ولكن في الواقع، لم يقترب يومًا من الطائرات.
وذات مساء، تلقى مكالمة من خاله يبشره بقبوله في الوظيفة التي طالما حلم بها. طلب منه خاله أن يسافر فورًا لإجراء المقابلة الشخصية، وأرسل له تفاصيل الرحلة ورقم الحجز. لم يترك له الخال خيارًا، كان عليه مواجهة مخاوفه.
رغم الإرهاق، توجه إلى المطار بعزيمة مضطربة. حينما اقترب من بوابة الطائرة، عاد الخوف ليغمره، لكنه تماسك وصعد “سُلم الطائرة”. اختلطت مشاعر الفرح بالحصول على الوظيفة مع فوبيا الطيران وأغنية طلال مداح التي تردد صداها في عقله. ذرفت عيناه الدموع من فرط التوتر.
عندما استقر في مقعده، كان قدره أن يكون بجوار مخرج الطوارئ. اقترب منه الملاح الجوي وقدم له ورقة تشرح مسؤوليات الجلوس بجوار هذا المخرج. قرأ الورقة التي تذكره بأنه سيكون مسؤولاً عن فتح الباب في حالات الطوارئ، وأدرك أنه ربما لا يكون على قدر تلك المسؤولية، لكنه خجل من الاعتراف بذلك. أغمض عينيه محاولًا الهروب من هذا الموقف المحرج عبر النوم ويلوح في أفقه صوت الأرض:
أشوف محبوب قلبي بين نخلة وبيت
يناظر الطائرة يبغى يحرك شجوني
مع بداية الإقلاع، عادت الفوبيا بقوة، وغلبه النوم. لكنه لم يستطع الهروب تمامًا. أثناء الرحلة، استيقظ فجأة على أصوات التنبيهات والركاب يتحركون في الممرات رغم المطب الجوي. ارتبك ونهض من مقعده بفزع، فوضع يده على مقبض باب الطوارئ دون وعي. فجأة صاح الركاب، واستدار الملاح ليشاهده في تلك اللحظة، وفي خضم الصدمة والإحراج، فقد وعيه وسقط مغشيًا عليه. وحارس مخرج الطوارئ يردد من على 34 ألف قدم :
فعلا أنا عندما شفته بعيني بكيت
وقلت بالله يا أهل الطائرة نزلوني