تعددت مسميات التكليفات المرتبطة بالتشكيلات المدرسية منذ الأعوام القريبة الماضية حتّى الوقت الحاضر بوزارة التعليم لشاغلي الوظائف التعليمية في المدارس الحكومية مابين موجه طلابي، ورائد نشاط، وموجه صحي، وأمين مصادر تعلم، وغيرها من المسميات التعليمية بعد أن كانت قبل عقود قديمة مضت مقتصرة على مسمى مدير المدرسة، ووكيل المدرسة فقط طبقاً لاختلاف الوقت ومتطلبات العصر، وهو من باب إعطاء كل مسمى أعماله ومهامه المختصة به للقيام بالعمل على أكمل وجه، وقد يأتي فيما بعد مسميات ترتبط بالمرحلة نفسها وفقاً للمتغيرات الحاصلة ولكل حادث حديث. وهذا بطبيعة الحال ناتج من إحداث الوزارة لمسميات لا بدّ وأن تكون متوافقة لمتطلبات المرحلة المستحدثة، فالملاحظ مؤخراً في الوزارة التغيير الشامل في الهيكلة حتى أن التغيير في المسميات لم يقتصر على المدارس فقط بل شمل المقاعد القيادية في إدارات التعليم فعلى سبيل المثال لأول مرة يستحدث في الهيكلة التعليمية إدارات وأقسام ووحدات لم تكون موجودة من قبل ومنها إدارة الأداء، والتطوير والتحول، وتنمية القدرات، وغيره.
ولأننا وكواقع مشاهد نلاحظ وكأن كل دول العالم تعيش في قرية واحدة بفضل وسائل التقنيات الحديثة، ولذلك أصبحنا نُعايش ونشاهد تغيرات متسارعة ومتصارعة سواء تغيرات سياسية، أو أمنية، أو اقتصادية، أو تعليمية، أو حتّى فكرية ونتوفف هنا في الأهم وذلك بملاحظة التغيرات الفكرية سواء بالإيجاب، أو السلب وعليه يتطلب منا كمهتمين ومتابعين الاطلاع، والوعي، والفهم لكل ما يدور من حولنا في هذا العالم المتسارع، وهو من المؤكد سيكون له انعكاسات هامة على مجتمعنا المحلي. فنحن جزء من المجتمع الدولي، بل جزء هام وذو تأثير واضح، ولأننا نعيش في وطننا الغالي في أمن، وأمان، واطمئنان، واستقرار، وفي رغد من العيش ولله الحمد فهذا ما يفرحنا ويسعدنا كثيراً، وفي الوقت نفسه ما يتعب ويؤلم الأعداء حين رؤيته، ويجعل وطننا الغالي للأسف مستهدف من الكثيرين وهي حقيقة ماثلة أمامنا، وهنا يأتي دور الأسرة، والمدرسة، والمجتمع فلكل منهم دور مسؤول، ونتوقف قليلاً عند دور المدرسة ومسؤولياتها التربوية في العمل على ترسيخ المبادئ الفاضلة، والقيم الثابتة في نفوس الطلاب من خلال تعزيز قيم الدين الإسلامي الحنيف، والولاء للقيادة الرشيدة، والانتماء والمحافظة على أمن الوطن واستقراره عليه يتطلب في هذه المرحلة الهامة وجود الموجه الفكري في مدارسنا من المعلمين أصحاب الكفاءة، والخبرة، والفاعلين، والأكثر إدراكاً للأحداث والمواقف في مجال التوعية الفكرية.
إن من المأمول من أصحاب القرار في وزارة التعليم الموقرة استحداث تكليف تحت مسمى الموجه الفكري، فوجود الموجه الفكري في المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء ماهو في واقع الأمر إلا حاجة ملحة، كما أنه يمثل امتداداً مباشراً؛ لتحقيق أهداف وأعمال الإدارة المختصة للوعي الفكري في الوزارة، وبالتالى في إدارات التعليم فمن المؤكد وجود معلم مكلف متخصص في مجال الوعي الفكري وبعد التزود بالدورات التدريبية المتخصصة، والاطلاع والاستفادة من المراكز الوطنية المهتمة بشأن الوعي الفكري سوف يعطي هذا الأمر المزيد من الاهتمام والعناية، وبالإمكان سد الاحتياج المطلوب من أصحاب التخصصات التعليمية والتي تشهد فائضاً في معلميها وخاصة من معلمي التربية الإسلامية، واللغة العربية، وغيرهما من التخصصات. نعم حالياً يقوم وكيل المدرسة، والموجه الطلابي، ورائد النشاط، وأمين مصادر التعلم بتنفيذ برامج عن الوعي الفكري من خلال تعزيز الوسطية، والاعتدال الفكري، وسلامة البيئة المدرسية من الفكر المتطرف وكل هذه البرامج بإشراف مباشر من مدير المدرسة وهي برامج متميزة، ولكنها تظل في حاجة ماسة لمعلم متخصص يقوم بواجباته المفترضة، ويكون متفرغاً لها وسوف يؤدي هذا إلى المزيد من البرامج النوعية في مجال التوعية الفكرية.
خاتمة:
يقول الخبير الأمني اللواء مهندس بسام عطية في جزء من إحدي محاضراته الوطنية القيمة عن الإرجاف وأثره الاجتماعي:” ما الذي حصل هنا في المملكة العربية السعودية؟ لن نذهب بعيداً منذ تأسيس هذه الدولة منذ ثلاث قرون مضت مورس الإرجاف علينا.. اقرؤوا تاريخكم ..رجاء اقرؤوا تاريخكم….”. وفي نفس السياق يقول الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان نائب الرئيس والأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري في إحدى المحاضرات الرسمية وفي جزئية عن أعداء الوطن: “غيرنا خسروا ويتمنون أن نعيش في فرقة وصراع، ويرغبون أن يخترقونا… فلا يوجد قوة في العالم تستطيع أن تخترقنا طالما يدنا بيد قيادتنا….” كما يحث الأستاذ عبدالله بن هادي الهاجري أمين مجلس أمناء مركز الحرب الفكرية على حتمية المحافظة على أمن الوطن وحمايته من المؤثرات الفكرية الجسيمة، وهذا ما أكدت عليه أيضاً الدكتوره إيمان بنت زكي أسرة أمين وحدة التوعية الفكرية بجامعة أم القرى، وغيرهم كثر في محاضرات ولقاءات تؤكد على ضرورة المحافظة على سلامة الوطن وأمنه ومقدراته ومكتساباته، والتحذير من مهددات الأمن الوطني. ونحن نقول مثل هذه المحاضرات وتلك اللقاءات بمثابة مفاهيم عميقة، ونواة مواد تعليمية صالحة؛ لوضع منهج شامل وعبر مختصين لوعي فكري متكامل في مدارسنا وخاصة في المراحل العليا. كل الدعوات الصادقة؛ لحفظ أمن هذا الوطن الغالي في ظل قيادته الرشيدة.