هناك مشاعر تطرأ علينا في حياتنا اليومية، فنجتهد في جلبها وتطويرها، أو دفعها والإنزعاج منها، في محاولة منّا لتضييق إنتشارها، وتتفاوت تلك المشاعر سلبية كانت أو إيجابية، فتقترب منا أحياناً لتحتوينا، فرحاً و أنساً وبهجة بمزيد تفاؤل، فتحيي ذلك الشعور بداخلنا، محبة و وفاءً و صدق، وتارة تبعدنا تلك المشاعر عما ألفنا عليه، فيلتف بنا ذلك الحزن والفقد والخذلان،
ليأجج حياتنا معه كآبة وإنعزال بل وفقد للثقة، و قد تُترجم تلك المشاعر على ذلك الجسد المنشغل في تدابير الحياة، فإما نشاط وحيوية أو ألم تلو ألم، و السؤال هنا: ماذا جنينا من هيمنة تلك المشاعر سلبية كانت أو إيجابية؟!
وما أصل تلك المشاعر ؟
وإذا أردنا الإجابة العميقة الكافية الوافية على تساؤلاتنا، فسنجدها في قوله تعالى (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)، و هنا وجب علينا تدارك أمورنا و ماهية حياتنا، بدءً بالعديد من الخطوات التي سأتناول بعضها لحياة سعيدة بمشيئة الله، و منها
تحديد المشكلة: بإعتبار أن النجوى لب المشكلة لشيطان يحوم حولنا، لغاية
تدفعنا إلى الإعراض، صعوداً إلى قوله تعالى: (ليحزن الذين آمنوا)، وقد ألبسنا الله تعالى الطمأنينة في تلك المشكلة و حلها بقوله: (وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)، إذ التعلق بالله والتوكل عليه نجاتنا من وساوس الشيطان، و النجوى هنا أنواع، منها حديث النفس فيفكر في ماضيه وحاضره ومستقبله ويفكر في أعدائه، ويزداد إنشغاله فكراً في حياته الأسرية
وعلاقاته الإجتماعية بطريقة سلبية، فتكبر عنده المشكلات مما يجعله يحمل همّ حاضره و مستقبله و من يعول خوفاً لنجوى تراوده، و ذلك كله من وساوس الشيطان
و تسلطه عليه بأحد أسلحته التي أحدها الحزن و الجزع، وقد استعاذ عليه الصلاة والسلام منه بقوله: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل..)، و قد تدفعه تلك النجوى أو الوساوس
إلى العيش مع نفسه في صراعات داخلية في مجملها أوهام، و فائدة الشيطان بعد ادخال الحزن على ذلك القلب، بأن ستختل عبوديته لله، فلا صلاته بتلك الصلاة الخاشعة ولا تلاوته بذلك التدبر، و من يعجز الشيطان أن يتسلط عليه بكبائر الذنوب وكثرتها، فسيدخل عليه من باب الهم والحزن والخوف، و هنا وجب على الإنسان البحث عن الحلول الإلاهية، باليقين بالله والتعلق به والتوكل عليه، فلن يصيبنا شيء إلا بإذن الله، لقوله تعالى:(و من يتوكل على الله فهو حسبه)، و ليس معنى ذلك أن لا نحزن، ولكن لا نجعل الحزن يهيمن على قلوبنا، فيعقد ألستنا عن ذكر الله،
وجوارحنا عن العبادة، وقلوبنا عن الطمأنينة والسكينة، و اليقين بما عند الله سبحانه، ولا ننشغل عن عبودية الفرح بأن إلاهنا رب السموات والأرض مالك الملك بيده ملكوت كل شيء، و إليه سبحانه يرجع الأمر كله،
و ختاماً اسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته..
• تربوية كاتبة ومستشارة أسرية،
• باحثة في أسماء الله الحسنى وأعمال القلوب