المقالات

التداوي بالطب والأدب ..!

هذا عنوان ورقة بحث قدمها الدكتور سعود بن سليمان اليوسف في المؤتمر الدولي للغة العربية بمدينة دبي قبل أيام معتبرا ورقته قراءة في تجربة عبد الله الرشيد الشعرية أمام المرض الذي أقعده عام 1433هـ ربما عن الحركة البدنية لكنه لم يقعده عن النشاط الفكري الذي ترجمه بشعر فصيح ليبقى خارطة طريق أمام كل مريض بعدم الاستسلام للمرض بل مكافحته بالطب و الأدب وغيره دون إهمال أسباب العلاج المتمثل في الدواء أمام أي داء .
الدكتور يوسف في ظني أنه تميز من خلال ورقته البحثية باختياره لعنوان غير مسبوق في هكذا مؤتمر والتي أشاد بها نقاد كبار حضروا في القاعة ومنهم الدكتور معجب الزهراني والدكتور صالح معيض والدكتور حسن النعمي من السعودية وآخرون عرب الذين أشادوا بهذه الورقة وما طرح فيها من استدلالات بأبيات شعرية استلها الباحث من دواوين الرشيد ومنها ديوانه ” قنديل حذام ” الصادر عن أدبي جدة فكانت تجربة الرشيد بالاشتغال بالأدب عامّة والشعر على وجه الخصوص نموذجا رائعا للاشتغال بما يفيد أمام المرض العضال وهي كما قال الباحث فكرة يؤيدها علماء النفس والاجتماع وحتى الأطباء لأن فيها نسيان للمرض الذي يحتاج من وجهة نظري وكوني قد مررت بتجربة مرضية عندما أصبت بالمرض قبل ما يزيد عن عقد ونصف وكنت رغم الألم يحدوني الأمل بأن هذا المرض منحة من الله واختبار يستحق المواجهة لا بالمصادمة ولا التحدي بقدر ما تواجهه بما يقطع وقتك وأنت بين مشارط الأطباء وانتظار ساعة الفناء التي يقيدها قول الحق ” وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا .. ” وهنا يجتمع الصبر واليقن وحسن الظن بالله والتداوي بما شرع الله وتحقق عن طريق العلم ولعلي وعبد الله الرشيد الذي مر بنفس تجربتي اتفقنا ولم نفترق في الطريقة والوسيلة التي أنجانا الله بها إذ كان القرآن شفائي كما الطب والاعلام طيلة تنويمي بالتخصصي بالرياض واليوم يستعرض الدكتور يوسف تجربة الرشيد بشيء من التحليل والإسقاط بأبيات شعرية كانت أشبه ما تكون بوصفات طبية أدبية حققت له ما يريد بفضل الله ثم بفضل عزيمته وعدم الإذعان إلا للواحد الديّان.
حسب بحث اليوسف أشار إلى أن الرشيد كان في مجلسه ولقائه بالأصحاب لا يكاد يتحدث إلا ويربط حديثه ببيت شعر أو مثل أو حكمة أو عبارة نثرية مما يدل على أنه أثناء مرضه اشتغل بالقراءة وبالذات الشعر الذي يعتبر غذاء للروح وسلوة للنفس يحمل جملة من الحيل النفسية ونافذة للتداوي مستدلا بالبيت الشعري :
وما أشرف الإيقاع إلا صبابة
وما أنشد الأشعار إلّا تداويا .

ومن هذا المنطلق ألّف الرشيد كتيبا ليدلل على العلاقة بين الأدب والطب وإمكانية التداوي بالأدب عنونه بـ ” الطب والأدب – علائق التاريخ والفن ” معتبرا أن الأدب والطب وعاءان من أوعية الحكمة عند الأمم وكلاهما قائمان على العلم الذي يقود للصواب والسداد في القول والعمل كما في النفس والجسد وأنهما متشابهان في المعنى والغاية ويرى أن الشعر الذي يكتب في مثل هذه الحالة يجب أن يكون شعرا تفاؤليا لا سوداويا تشاؤميا وأن يكون العين التي يبصر بها المريض الشاعر آفاق الحياة المضيئة وإلا سيكون الشر بعينه إذ ترجم هذا بقوله شعرا :
لا تقبلوا الشعر الضريرا
الشعر مثل الشر لا فرق سوى … عين بها أضحى بصيرا .. فإذا فقأت العين عاد الشعر شرا مستطيرا .. لا تقبلوا الشعر الضريرا . أبيات من ديوانه “أوراد العشب النبيل الصادر عن أدبي الجوف .
ولعل الباحث قد سلط الضوء من خلال تجربة الرشيد التي واءمت بين المرض والشعر حيث كان يرى أنه مع الشعر وبناء القصائد لم يشعر بالوحدة ولا العزلة عن رفاقه بل كان يستمتع بما يكتب ويتخيل حيث كان يرى أنه والشعر مكملان لبعضهما في محنته واعتبره سلوك لا يمكن الخلاص منه وهو الحاضر في كل لحظة يعيشها وأكد ذلك في منصة x بقوله أنا متورط بالشعر الذي فيه ما في البسيط من بساطة وما في الطويل من شموخ وما في الكامل من كمال ولعل تجربته الشعرية حالة مرضه الذي أقعده بالتداوي قرابة اثنتي عشرة سنة وقد فرضت عليه بعض العزلة التي كانت تمتد لنصف العام ومع هذا فكان الشعر يلازمه ويخاويه ليلا ونهارا ولم ير نفسه أنه خارج أجواء الناس بل كان يراهم بشعره كما ترى زرقاء اليمامة بحدة بصرها مستدلا بهذا بقوله في قصيدة له : ليس عندي من هجس زرقاء نجد … غير أشتات شاعر مفتون .
إن ما أورد الباحث عن تجربة الرشيد يفوق ما كتبت أضعافا حسبي هنا أن المساحة لا تحتمل الأكثر ولعلي هنا وقد قارنت بين حاتي وحالة الرشيد مع المرض الأخطر أننا تجاوزناه بفضل الله ثم بفضل التفاؤل والامتثال للطب والأدب الذي استغنيت عن تجربته الخاصة بالشعر بتجربتي في الكتابة الصحفية وتلاوة القرآن ومواصلة الركض مع نادينا الأدبي بالباحة مع زملائي الذين كانوا بلسما بوصولهم وتواصلهم ومع كافة شرائح المجتمع وقاماته المكانية والزمنية التي قلت في لقاء معي في صحيفة الحوار أجراه معي الصديق فالح الصغير بالدمام أني خجلت من نفسي ومن تقصيري في حق من تربطني بهم إي علاقة وعرفت قيمتي عند الناس وقت مرضي في التخصصي بالرياض لمدة عام عندما زارني المئات من أصحاب السمو الأمراء وأصحاب المعالي والفضيلة والسعادة واعتبرته دينا علي يجب الوفاء به في كل ما يمر بهم من أفراح وأتراح ولن أستطيع الوفاء ولنا أن نكافئهم ولو بالدعاء .
انعطاف قلم :
يرقد حاليا الشيخ محمد غرم الله الحريش – أحد رجال اعمال وأعلام منطقة الباحة قرية قرن ظبي بني حسن – بأحد مستشفيات الدمام هو صاحب أيادٍ بيضاء في العمل الخيري وكريم في عطائه مع مجتمعه واصدقائه الذين يثنون عليه فاللهم اشفه شفاء لا يغادر سقما وارفع عنه ما نزل به واجعله طهورا له واجمع له بين الأجر والعافية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى