تحقيق التغيير الثقافي في أي مجتمع يعد من أصعب التحديات وأكثرها تعقيدًا، ورغم ذلك، تمكنت مملكتنا الحبيبة من تحقيق قفزات نوعية في هذا المجال خلال فترة زمنية وجيزة. عادةً ما يتطلب إحداث تحولات ثقافية عميقة عقودًا من العمل التدريجي والتكيّف، إلا أن السعودية، بفضل رؤية 2030 والإصلاحات المتسارعة المرتبطة بها، استطاعت تجاوز العديد من الحواجز بصورة مذهلة، لتصبح نموذجًا عالميًا في كيفية إحداث تغيير ثقافي سريع ومستدام. من أعظم هذه الإنجازات تمكين المرأة، الذي تحول إلى واقع ملموس، عاكسًا التزام المملكة بتعزيز دور المرأة في المجتمع والاقتصاد.
وقد حرصت قيادتنا الحكيمة على تعديل النظرة العامة تجاه دور المرأة في فترة وجيزة، عبر سياسات إصلاحية شاملة مست مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية. تضمنت هذه الإصلاحات القانونية خطوات جريئة مثل السماح للنساء بالسفر والعمل دون الحاجة إلى موافقة ولي الأمر، ومنحهن حق القيادة. هذه التغييرات القانونية لم تؤدِ فقط إلى تمكين النساء، بل أسهمت في تعديل التصورات المجتمعية التقليدية بشأن حقوق المرأة ودورها. كما أدت القوانين الصارمة لمكافحة التحرش في بيئات العمل والأماكن العامة إلى خلق بيئة آمنة ومحفزة لمشاركة المرأة في جميع القطاعات.
كما كان للإعلام دور فعّال في هذا التحول، حيث قاد حملات توعوية ركزت على إبراز قصص نجاح النساء السعوديات في مختلف المجالات، مما ساعد في تغيير نظرة المجتمع لهن وتعزيز قبولهن كلاعبات أساسيات في عملية التنمية. إلى جانب ذلك، قامت القيادة – وفقها الله – بتعيين عدد من النساء في مناصب قيادية رفيعة داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية والسلك الدبلوماسي، مما زاد الثقة بقدراتهن ومهد الطريق لمزيد من النساء لتولي أدوار قيادية.
رؤية السعودية 2030 كانت نقطة تحول محورية، حيث وضعت أهدافًا واضحة لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وتحقيق المساواة بين الجنسين. وقدمت برامج عديدة لدعم وتمكين بنت الوطن وخلق بيئة مشجعة على اندماجهن في كافة القطاعات. كما شهدت المرأة السعودية دخولًا غير مسبوق إلى عالم الرياضة، سواء من خلال المنافسات المحلية أو الدولية، وهو ما ساهم في كسر الصورة النمطية التقليدية عن أدوار المرأة.
ولم يقتصر دور المرأة على ذلك، بل دعمت القيادة ريادة الأعمال النسائية بإطلاق برامج تمويلية ومبادرات تساعد النساء على تأسيس مشاريعهن الخاصة، مما عزز من مكانتهن في عالم الأعمال. كما شجعت التعاون بين القطاعين العام والخاص لتبني سياسات تعزز المساواة بين الجنسين في مكان العمل، بما في ذلك تقديم برامج تدريب وتطوير مهنية.
وكذلك الإصلاحات في قطاع التعليم العالي، وخاصة في التخصصات العلمية والتقنية، ساهمت في رفع سقف التوقعات المجتمعية لدور المرأة في الاقتصاد والقطاعات الحيوية. هذه الجهود، التي تجمع بين التعليم والإصلاح القانوني والاجتماعي، نجحت في إعادة تشكيل الدور المجتمعي للمرأة في السعودية، مما أدى إلى تعزيز مكانتها ومشاركتها الفعالة في مسيرة التنمية المستدامة.