المقالاتعام

لؤي المشعبي… الشخصية المتصالحة

قبل مباراة الاتحاد والخليج، اتصل عليّ الأستاذ لؤي مشعبي يدعوني لحضور المباراة، وهي مبادرة كريمة من رئيس نادينا. وبحكم أننا قد هجرنا الملاعب منذ عدة عقود، فقد تعودنا على المشاهدة ونحن في البيت قعود . اعتدنا على الفرجة بعيدًا عن الصخب وعن مشوار طويل كنا نعد له العدة حتى نصل قبل بدء المباراة بوقت كافٍ لنشاهد فعاليات الجمهور، ونسخن مشاعرنا ونرفع رتم نسيان أي شيء عدا أحداث المباراة وزخمها. ولكن ما بين “ما أحلى الرجوع إليه” وما تعودناه من المشاهدة عن بعد، ترددت في قبول الدعوة واعتذرت بحجة ضيق الوقت. لكن المشعبي لا ييأس، لأنه ذا عزم وإن بدا سهلاً ليناً. ومن ناحية أخرى، طيبة القلب التي تتحكم في تعامله الجميل. فاتصل عليّ قبل مباراة القادسية بعدة أيام وكأنه يقول لي: “فين بتروح والحبل مزرور، هذه المرة ماكو فكة .” ودعاني للحضور إلى الملعب فلبيت الدعوة شاكرًا ومقدرًا. وستكون إن شاء الله أول حضور لي في ملعب الجوهرة، وبعدها نعود إلى سيرتنا الأولى.

لؤي المشعبي ينطبق على مشواره مع الاتحاد، خاصة في الفترة الأخيرة، ما كتبه إبراهيم خفاجي ولحنه وغناه طلال مداح: “شاءت الأقدار… شاءت الأقدار ياقلبي نلتقي بعد طول البحث وافي في الهوى وحبه نقي.”
نعم، أحداث دراماتيكية نقلت الأمانة من الناظر الأمين إلى المشعبي الودود الرزين. هكذا انتقل من نائب إلى رئيس ليجد نفسه في خضم واحدة من معارك الرياضة. فرئاسة نادٍ رياضي، خاصة الكبار منهم، هم ووجع قلب ومسؤولية، وحتى لو أعفته الأنظمة إلى حد ما منها، .

في رأيي، الشخصية التي لها القبول من خلال قدرات ذاتية، ومن أهمها عفوية الإنسان ومرونته وحسن تعامله مع الجميع مع الاحتفاظ بخط لا يتجاوزه وهو مصلحة العمل المناط به، هي الشخصية التي تستطيع قيادة أي مؤسسة أو نادٍ نحو تحقيق الحد المقبول من النجاح. التواضع والبساطة وحسن التعامل لا يعنيان التنازل عن الحقوق، بل جلبها بأقصر الطرق، فالعداوات لا تصنع إنجازات.

من خلال متابعتي للرئيس المشعبي، وأيضًا من تواصلنا القريب، رأيت فيه تلك الشخصية المتمكنة رغم عفويتها ولين جانبها الذي أتى من قيمة مضافة تحسب له لمزجه بين القدرتين. المشعبي شخصية متصالحة مع الذات، فلو لم يكن كذلك لما وجدنا لديه تلك العلاقات المتميزة مع الجميع. فالتصالح مع الغير يبدأ أولاً بالتصالح مع الذات. من الصعب أن تجد قبولاً واسعًا كتلك التي أوجدها المشعبي خلال فترة قصيرة، سواء مع الجهات ذات العلاقة بالمنظومة الرياضية أو منظومة إدارة النادي بمختلف عناصرها.

لكن أجمل مساحات القبول والود هي التي نراها بينه وبين جماهير النادي، والتي تظهر في مختلف المناسبات، خاصة في الألعاب المختلفة، حيث يتجلى فيها الحميمية والتلاحم بينه وبين الجمهور واللاعبين الذين يحتفون به على طريقتهم كما يحتفون عادةً مع المدربين عند الفوز.

أخيرًا، الأقدار ألقت بالمشعبي على كرسي اعتاد أن يكون ملتهبًا لا يستقر في الكثير من الأحيان. فلم يرحم الكثير من الرؤساء سواًء الذي نجح منهم والذي أخفق، لكنه، في رأيي، سيستمر رئيسًا لمدد أخرى.
شكرًا لك يا مشعبي، وبالتوفيق لنادي الوطن في مسيرته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى