إن من العادات الدارجة في مجتمعنا استئجار قاعات الافراح لإقامة مناسبات الزواج وهي عادة تشترك فيها غالبية سكان مدن ومحافظات مملكتنا الحبيبة ولكن في بعض الحالات قد يعتري توقيت المناسبة عذر من الاعذار التي تعارفت المجتمعات فيها على منع إقامة مناسبة الزواج كطلاق بين العروسين أو وفاة أحد أطراف عقد الزواج أو وفاة أحد أصول أو فروع أحد الزوجين وغير ذلك من الظروف القاهرة المتعارف عليها والتي من السهل اثباتها في وقتنا الحالي. ولكن في المقابل نجد أن بعض ملاك قاعات الافراح يمتنع عن فسخ العقد للظرف الطارئ ويمتنع عن رد المبالغ المدفوعة له مقدماً لحجز القاعة بل ويصل الحال مع بعضهم فتجده يطالب صاحب المناسبة بكامل المبلغ المتبقي ويتعذر صاحب القاعة بالضرر الواقع عليه في حال الإلغاء وبعض أصحاب القاعات يطلب من صاحب المناسبة أن يبحث له عن مستأجر آخر ليرد له المبلغ المدفوع.
إن من أراد أن يستأجر قاعة أفراح فإن صاحب القاعة يعلم بالضرورة الغرض المستأجر من أجله القاعة فهي لا تؤجر القاعة لغير هذا الغرض المعلوم وقت التعاقد وهو إقامة مناسبة زواج.
وإن الاعذار الطارئة محددة بأعراف الناس لأن الأعراف فيما وافق الشريعة أو لم تخالف الشريعة تأخذ حكم الشروط المكتوبة وإن سُكت عن كتابتها بين المتعاقدين لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً فبعض الاعذار تكون طارئة عرفاً وبعضها غير طارئ عرفاً ويرجع في تقديرها لأهل الخبرة.
قد يرى المستأجر أن القاعدة الفقهية نصت على أن الأجرة مقابل المنفعة ويعني ذلك أن المنفعة إذا تعذرت فإن الأجرة تتعذر معها لتعذر استيفاء المعقود عليه فإذا وجد العذر الطارئ لدى المستاجر وهذا المعذر منعه من استيفاء المنفعة فإنه لا يدفع الأجرة ويسترد ما دفعه يقول صاحب المحيط البرهاني إن عقد الإجارة عقد ضعيف يفسخ بالأعذار وأن من استأجر رجلاً ليتخذ له وليمة لعرس فماتت المرأة، لا يجبر المستأجر على المضي لأن في المضي ضرر.
وقد يرى المؤجر أن الشريعة الإسلامية أمرت بالوفاء بالعقود بل واعتبرت عقود الإجار من العقود اللازمة بين أطراف التعاقد بالاجماع ومنعت الشريعة فيخ عقود الاجار بإرادة منفردة
وهنا يتضح جلياً أن الظرف الطارئ إذا وجد يحصل به ضرر على المؤجر وضرر على المستأجر فهل نجبر المستأجر على المضي في العقد وسداد تكلفة كامل الحفل؟ أم أننا نجبر صاحب القاعة أن يرد المبلغ إلى صاحب العذر ونفوت عليه مربحه بحجز القاعة دون أن يحصل على أجره عليها ولو من غيره؟
وعليه فما هو الحل لمثل هذه المشكلة؟
إن الحل لهذه المشكلة هو ما نصت عليه المادة الثانية والأربعون بعد الاربعمائة من نظام المعاملات المدنية ونصها: لكل من المتعاقدين طلب فسخ عقد الإجار إذا حدث عذر طارئ متعلق به ويلزمه تعويض المتعاقد الأخر عما ينشأ عن هذا الفسخ من ضرر.
وإن القضاء هو المسؤول عن التحقق تحديد العذر المعتبر من الغير معتبر وكذلك تحديد صحة العذر من كذبه لأن بعض الاعذار قد لا تكون طارئة فضلا عن أن بعضها قد يكون مكذوب ولا يتساوى من طلب فسخ عقده بعذر معتبر ثبت أنه طارئ قبل المناسبة بأشهر أو بسنوات بمن طرأ عليه العذر قبل المناسبة بيوم أو بساعات وحيث الحال كما ذكر فإن تقدير كل ضرر بقدره يحتاج للتأمل ليحدد القضاء قدر الضرر بقدره ويرفعه عن كل متضرر بقدره وفقاً للمادة النظامية والله تعالى أعلم.
0