في شبه الجزيرة العربية، والتي تشكل المملكة العربية السعودية الجزء الأكبر من مساحتها، كانت هناك إمارات صغيرة لا تصل لمستوى دولة قبل توحيد الوطن. كانت هناك إقليمان كبيران تحت إدارة الدولة العثمانية: شرق الجزيرة العربية الذي كان يتبع والي العراق، وإقليم الحجاز التابع لوالي مصر. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك إمارات أخرى بعضها داخلية لا تطل على البحار، وبعضها في مناطق جغرافية شحيحة الموارد أو صغيرة المساحة، وأخرى تقع في نطاقات جبلية. كما كانت النزاعات القبلية نتيجة لتفشي الجهل والفقر وندرة التعليم، وخاصة في الحواضر، من الأمور التي أدت إلى الضعف العام.
لو بقيت تلك الإمارات كما هي، لظهرت العديد من المشكلات الاقتصادية والسياسية، ولما تمتعت الأمة السعودية بالوحدة الوطنية التي نعرفها اليوم. في العصر الحديث، ظهرت دول تضمر العداء لأبناء هذا الوطن، ولو بقيت تلك الإمارات الصغيرة حتى الآن لكانت عرضة للأطماع.
هناك شخصيات تمتلك بُعد النظر، وهي موهبة من الله تعالى، تغير مجرى التاريخ وتصنع أمجادًا، وتتمتع بحسن التدبير والصبر والتضحية لتحقيق الأهداف. من أعظم هذه الأهداف كان توحيد هذا الوطن، الذي كان في الماضي إمارات صغيرة ومجتمعات قبلية. ولو أن زعيمًا غير الملك عبدالعزيز امتلك ما امتلكه عبدالعزيز من مغامرة وتضحية لأجل وحدة الوطن، لكنا ننظر إليه اليوم بنفس الإجلال والتقدير. إلا أن الملك عبدالعزيز هو صاحب هذه المبادرة الكبرى التي أحدثت التحول الأكبر في العصر الحديث لأبناء شبه الجزيرة العربية، وكان هذا التحول هو توحيد الوطن.
تمت الوحدة الكاملة للوطن في 21/5/1351 هـ (23 سبتمبر 1932م)، وصحب هذا التحول الكبير العديد من التحولات الأخرى التي نشهد بعضها اليوم من خلال التحول الوطني 2020 والرؤية الوطنية 2030. وقد شهدت المملكة العربية السعودية تحولات اجتماعية وتعليمية وثقافية وسياسية ورياضية وترفيهية، مع الحفاظ على الهوية الوطنية السعودية والثوابت الدينية والوطنية.
خلاصة القول:
التحول الأكبر الذي أحدثه الملك عبدالعزيز ورجاله هو توحيد الوطن، بعد أن كان الوطن قبل الوحدة عرضة للضعف والوهن بسبب التفرقة. صحب هذا التحول تحولات فرعية في شتى المجالات، ومنها ما نشهده اليوم من تحول حضاري ونهضة شاملة.
• عضو الجمعية التاريخية السعودية