المقالات

صعاليك السوشال ميديا

سبق أن كتبت مقالا هنا بعنوان : ” مشاهير الخواء الفكري ” الذي أوضحت وحذرت من خلاله من مغبّة بعض مشاهير ” السوشال ميديا ” وكما توقعت بأنها موجة قطيع تسابقوا على اقتحام وسائل التواصل دون فهم لخطورة ما أقدموا عليه، وأن المجتمع سيفيق من هذه الخدعة التي أوجدها البعض من « صعاليك السوشال ميديا » .. الذين لا هدف واضحاً لهم ولا رسالة تربوية ينشدونها سوى البحث عن الشهرة التواصلية بأي طريقة كانت ومن ثم السعي من خلال هذا الشهرة الكاذبة لكسب المزيد من الأرباح المادية وإن كان على حساب قيم مجتمع بأكمله .

هذه الشهرة الواهية سرعان ما تسقط أقنعتها في بحر السطحية ومتلازمة الفراغ والتسميج وتتلاشى في ظل تهريج وتقليد لهجات أخرى دخيلة علينا ، والتنطّع والتنطّط والتفخيم والتضخيم للكلمات المهترئة الدخيلة أيضاً ، والعيش في جلباب المهايطية الفاسدة على منوال ” المحزم المليان ، والله إني ناسي يا ولد ” و ” يا حبيب أخوه ، يا عين أخوه ، وطالبك ، وأمّا عاد ودخول فخم ، خش عليه ، ويا مالا السلامة ، حي ذا الشوف ، حمر عين ، … الخ ” والكثير من الردح ، وألقاب مفتعلة ومسمّيات متخلّفة وشعارات مزيّفة مكلومة بالوجع ، وسيل طويل من ألفاظ وتقليعات أحدثتها ثقافة العصبيات القبلية المقيتة والرجعية والعصبة البائسة ، وسوقية العادات والتقاليد المارقة من الفضيلة والقيم والأعراف والتي أفسدت قيمة القبيلة العريقة وتراثها وعاداتها الأصيلة .. ناهيك عن الظهور بأكثر من شخصية وممارسات مراهقية مفلوتة تعاني من عطوب لغوية أسلوبية وتجرّد فاضح قبيح من اللهجة الأصيلة ذات القيمة الثقافية تحت بند استهبال وسذاجة وسقوط أخلاقي وتسفيه للقيم والمبادئ وطرح سافر سافل وتدن كبير في المستوى الفكري والتعليمي والوعي الثقافي !!!!

هكذا تنتهي مرحة لتبدأ مرحلة أخرى أكثر سخفاً وقبحاً ؛ليقف السؤال حائرا :
من سمح لهؤلاء المرتزقة بالظهور والسطوع رغم رداءة ما يطرحون ويصدرون ؟!
؛ لتأتي الإجابة مع الأسف هم شبابنا وفتياتنا !!!!

إن متابعة هؤلاء الحمقى الدراويش هي من تسمح لهم بالانتشار والتوسع على نطاق أكبر من خلال فتح حسابات عديدة عبر شبكة التواصل الاجتماعي بما فيها القنوات اليوتيوبية والفضائية زادها ظهورهم في المهرجانات الشتوية والصيفية على أنهم مشاهير ، ولم يعلموا جهلاً منهم بأنهم مشاهير سمك لبن تمر هندي .. مشاهير الغفلة الذين لا يقيمون للحياة وزناً ولا يمايزون بين جديّة الحقيقة وهزلية الخيال !!!!

أقف اليوم على نسبة وعي ونضج مجتمعي كبيرة من شبابنا وفتياتنا بعدما تكشّفت أمامهم كامل الحقيقة ، وبدؤوا في كشف أولئك الصعاليك – الذين امتطوا ركب التقنية للوصول لأطماعهم البعيدة عن القيم والمثل والمبادئ – ضاربين بالمجتمع عرض الحائط، مفكرين بأنفسهم فقط !!!

تلك الحقيقة التي عرّتهم تماماً أمام المجتمع ؛ ليعودوا إلى مكانهم الطبيعي الذي يليق بهم فلا يمكن لهؤلاء أن يقودوا فكراً أو ثقافةً ، أو أن يقدموا رسالةً تربوية هادفة !

وما حملة # تبليك _ المشاهير التي ظهرت في فترة ماضية ؛ إلا ردة فعل طبيعية وصلت معها الهاشتاقات للترند ، وهذا يقودنا إلى بعد آخر فيه صوت العقل والفكر يعلو فوق أصوات الابتذال والإسفاف والنشاز !!!!

مشاهير الخواء الفكري يعيشون حالة اختناق بعدما باتوا في مأزق الحقيقة والمكاشفة التي أعادتهم من حيث أتوا وإن حاول تجار الغفلة الفاشلون تمرير قصص تجارتهم الخادعة وتسويق بضاعتهم الرديئة والترويج لها عن طريق أولئك الصعاليك المرتزقة على إيقاعات شيلات الغث والغثاء وانتهازية استغلالية تعاني الكثير العطوب الأخلاقية وانفصام حاد في الشخصية .

ومضة :

في الوقت الذي بدأت فيه فرنسا تطبيق قانون أمني وطني يمنع التجار من التسويق لبضاعتهم من صعاليك السوشالميديا وممارستها غير الشرعية هل نرى قانوناً تجارياً قادماً يحارب هؤلاء الصعاليك المرتزقة ؟
قانوناً رادعاً يحمي اقتصادنا وبلدنا ومجتمعنا من قرصنة السوشال ميديا وصعلكتها التافهة والثراء السخيف بغير وجه حق في قضية معنية بالوطن ، والمجتمع بالدرجة الأولى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى