العلاقة بين السعودية ومصر ضاربة أطنابها في عمق التأريخ ، وهي ممتدة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا تقتصر على المستوى السياسي أو الشعبي ومن يتأمل العلاقة بين الشعبين يدرك ذلك جيدًا.
تأملت ذلك حين قرأت مقالين لكاتبين من البلدين العظيمين كل واحد منهما يعبر عن مشاعره تجاه البلد الآخر؛ والمقالان يفيضان بالمشاعر التي تلمس فيها الإحساس الصادق الذي لا يحتاج إلى دليل ، ومع ذلك فكلاهما يسوقان جملة من الأدلة والوقائع التي لا تدع للشك والارتياب وحتى لا أفسد على القارئ الكريم متعة القراءة أدعه مع المقالين فإليكهما.
كتب الأستاذ الكبير “محمد الرطيان” عن حبه لمصر هذه الرسالة الجميلة، فكتبت الأريبة الأديبة “إيمان السعيد” رداً عليه تبين حبها وعشقهما للسعودية ..
يقول الأستاذ محمد الطيان في مقاله؛ أنا رجل أعشق مصر لم يكن السبب فتاة من «المنصورة» اختلطت فيها الأعراق فشكّلت حُسناً خرافياً ولم يحدث لي مثلما حدث لسنتياغو – بطل رواية الخيميائي – حين سحرته فتاة من «الفيوم»، ولم يسبق لي أن شربت من مياه النيل… النيل لا ينتظرك لتذهب إليه لو فتحت أي شباك في أي بيت عربي سترى النيل يجري في أغنيات ومواويل وقصائد وهدير وصهيل وحكايات مجد ووجد ونخيل.
لا يحتاج العربي أن يذهب إلى مصر فمصر تأتي إليه في عقر داره من منّا لم يُصب بوجع الشجن المنبعث من نايها وكمانها ؟
من منّا لم يسبق له أن عالجه أحد أطبائها ؟
من منّا لم يقرأ كتاباً خطّته يد أحد مبدعيها ؟
من منّا لم يعلمه أحد مدرسيها ؟
من منّا لم يهتز طرباً على أحد مقاماتها ؟
من منّا لم تُضحكه – من القلب – نكتة ابتكرها أحد ساخريها ؟
هي مصر:
لها وجودها في ذاكرتنا ولها جودها في أحلامنا.
هي المكان الذي يمنحنا المكانة هي «مصر».. وكفى، ويكفي مصر أن تقول: مصر
يقول التاريخ:
لم يقف في وجه التتار – ويهزمهم – إلا رجالها .
يقول التاريخ:
منها خرج القائد والجيش الذي هزم الصليبيين الغزاة .
يقول التاريخ:
إنها في رمضان حطمت خط بارليف وكسرت الجيش الذي لا يكسر.
كم أعشق «الجغرافيا» التي شكّلتها !
وبدورها تقول الكاتبة المصرية “إيمان السعيد”؛ أنا امرأة تعشق المملكة لم يكن السبب طيبة أهلها وكرمهم ولا جغرافيتها المتنوعة التي تنتقل بك من الجبال الخضراء إلى الصحارى إلى الثلوج في الشتاء إلى جنة يغرقها مطر أخضر طوال العام أرض منحت لرجالها الصلابة والشهامة ومنحت لنسائها القوة والثقافة والحياء أرض توارث أبناؤها الإيمان والكرم والجود عن أجدادهم من الصحابة والتابعين، أرض انطلق للعالم أجمع ومن أجمل بقاعها نور الإسلام ليغمر كل بقاع الأرض بالسلام والطمأنينة والإيمان. أرض أتى منها فرسان الخيول وفرسان الحروف وفرسان الدين وفرسان الثقافة والسياسية.
بصحرائها بجبالها بالحرمين فيها بعذب القصيد وأرق الروايات بالمعلقات وإعجاز اللغة والكلمات حينما نريد التطهر من ذنوبنا نأتي إليها حينما نريد وطناً يحتوينا، حينما نريد الروحانيات وسحر البادية وليل الصحارى ونسيم الأسحار حينما تريد أن تبحث عنكَ؛ السعودية العظمى أفضل وجهة لروحك وأعظم من يحتوي قلبك وأرق من يطبطب على أوجاعك وأوهامك.
أي دولة تألمت ولم تجد المملكة السند، أي دولة تضررت ولم تجد لديها الدعم، أي شعب تشتت ولم يجد بها الملاذ، إنها السعودية كما نعشقها .
ثق دوماً أن ما يربطنا بكم حب خالص في الله أتى الملك عبد العزيز -رحمه الله- لمصر قبل النفط محباً لها وقابله الشعب المصري بحفاوة شديدة عشقاً لأنه أتى من بلاد الحرمين، لكم بالقلب مكانة لا يمكن أن يسكنها سواكم !
[نحبكم في الله]