قصة قصيرة
يحلم بوسم «المثقف» لكن يجد نفسه عاجزًا عن الانضمام إلى دوائر المثقفين في الحي أو المنتديات الأدبية نظرًا لقلة بضاعته الفكرية. مع انتشار صناديق الاشتراكات للصحف، كان من أوائل المشتركين، وعلّق ثلاثة صناديق خارج بيته، ما جعله مصدر سعادة لجيرانه الذين يرغبون في القراءة. ومع ذلك، رفض إعطاءهم الصحف بعد قراءتها، متذرعًا بشغفه.
أصبح يجلس عند الباب يتصفح الجرائد أمام المارة وهم ينظرون له باعجاب شديد. الصبية من حوله متسمرون أمامه، أحمد يمسك كرة القدم بقدمه، وحكيم قدمه على الأرض والأخرى على عجلة الدراجة مبحلقًا فيه، بينما عامل النظافة بادر بتحية الإسلام وهو منهمك في القراءة، تمعن في وجهه وسأله عن «حسينة»، ابتسم العامل؛ إذا فهم مغزى سؤاله المعروف في بلده وثقافته ..
أصبح المثقف أكثر انعزالاً، ولم يعد يتواصل مع الناس كما كان من قبل، فقد آمن أن هالة “المثقف” تفرض عليه التفرغ للقراءة فقط.
صاحب البقالة لاحظ أنه لم يعد يشتري منه كما كان معتادًا، ورأى الجيران أوراق الصحف تتراكم حول المنزل، لتصبح تلك الصحف، وسيلة لتغطية الطاولات والأرضيات بدلًا من مفارش السفرةباهظة الثمن. اخبره حكيم أن الجريدة بتاريخ الأمس وهو يقرأ له بعض عناوينها.