لا شك أن وزارة الحج والعمرة تُعد الحاضن الرئيسي لكافة خدمات الحجاج والمعتمرين، حيث تلعب أدوارًا متعددة منذ قدوم ضيوف بيت الله الحرام وحتى مغادرتهم. هذا الأمر يتطلب تطويرًا مستمرًا لكافة الخدمات التي يحتاجها الضيوف.
لقد تطورت الخدمات، ولله الحمد، بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما يضع الوزارة أمام تحديات لمواصلة تطوير الخدمات التي يحتاجها الضيوف منذ لحظة الوصول حتى ساعة المغادرة. ويتطلب ذلك التنسيق مع كافة الوزارات والجهات الحكومية والخاصة المعنية، لضمان تقديم خدمات على أعلى مستوى ودون تفاوت أو تباين بين خدمة وأخرى.
ومن هذا المنطلق، ينبغي أن تتدخل وزارة الحج والعمرة في كافة تفاصيل خدمات الحجاج والزوار والمعتمرين، حتى وإن كانت بعض الجوانب خارج نطاق اختصاصها، لتحقيق الجودة والكفاءة المطلوبة.
وفيما يلي أطرح بعض النقاط التي تقع تحت مسؤولية الوزارة أو تحتاج إلى تطوير، لتواكب بقية الخدمات التي وفرتها الحكومة، رعاها الله:
• الإسكان: لا يزال بحاجة إلى تنظيم أكثر كفاءة داخل حدود المشاعر المقدسة، وينبغي أن يكون هناك تناغم بين خدمات الإسكان والنقل. التجارب السنوية تظهر تباينًا واضحًا في دخول الحافلات إلى مواقع غير مقصودة، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الطرق وتعدد الرحلات الخاطئة. كما أن بعض المخيمات تحتاج إلى تحسين في بنيتها التحتية داخل المخيم وفي المنطقة التي حوله، ويجب أن يكون هذا التطوير مستدامًا، فخدمة الحج ليست مؤقتة.
• النقل: لا يزال إحدى أضعف الحلقات في موسمي الحج والعمرة، على الرغم من الاجتهادات السنوية الناجحة. لكن ما ينقصنا هو الاستدامة. فعلى سبيل المثال، يُعد قطار المشاعر نموذجًا واضحًا للاستدامة وجودة الخدمة. كذلك، في موسم رمضان نرى الحاجة الملحة لتطوير خدمات الحافلات حول الحرم، وتوفير مسارات ومحطات مستدامة وحافلات مناسبة. ما يحدث بعد صلاة التراويح من ازدحام هو دليل على حاجة هذه الخدمة للتطوير.
• النقل التقليدي في الحج: لا يزال يعتمد على اجتهادات قد تكون ناجحة، لكنها لا تواكب التطلعات. بينما النقل الترددي يحتاج إلى تجاوز العقبات الموجودة حاليًا، مثل كثرة التقاطعات وتداخل المشاة مع الحافلات، بالإضافة إلى المشاكل الهندسية التي تتطلب تدخلًا بشريًا، مما يزيد من أعباء الحج. تحسين النقل الترددي سينعكس إيجابيًا على زمن الرحلات وجودة الخدمة.
• النقل داخل العاصمة المقدسة: من الضروري أن يكون هناك نقل جذاب خلال أوقات الذروة، حيث تُعد الذروة مقياسًا لاستخدام النقل العام. وينبغي أن يكون هناك توزيع جغرافي أفضل للتدفقات البشرية على الحرم من مختلف الجهات، بما يحقق التوازن ويجنب الازدحام الشديد.
• تطوير تطبيق “نسك”: من الضروري أن يحد تطبيق “نسك” من مشكلة ضياع الحجاج، من خلال دراسة إمكانية تتبع الحجاج وتحديد نطاق تحركاتهم للوصول إليهم عند الحاجة. كما ينبغي أن يكون هناك تواصل إلكتروني مباشر بين الحاج والشركة المسؤولة عنه دون الحاجة لرفع البلاغات. ويجب أن يراعي التطبيق أمية العديد من الضيوف، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة وكفيفي البصر.
• المشاة في الحج: مع وجود خدمة النقل، لا يزال عدد كبير من الحجاج يفضل المشي. ويجب أن تكون هناك خطط لتنظيم هذا الأمر بحيث لا تؤثر شعيرة المشي على استخدام الحافلات أو تتسبب في تعطيل طرق سيرها. وماهو مصير الحافلات التي التي أختار حجاجها المشي؟. تحديد ذلك بنعكس على على أعداد الحافلات وعلى طرق سيرها.١
• النفايات وحلولها في المشاعر.. هل تم التنسيق مع الجهات المسؤولة حول خطط إدارة النفايات بأساليب مبتكرة؟ لابد من البحث عن حلول غير تقليدية.
• الإعاشة: تحتاج الإعاشة وطرق إيصالها إلى داخل المشاعر إلى حلول جذرية تتجاوز المعوقات السنوية والاجتهادات الفردية، إذ أنها خدمة مستدامة.
• مشعر مزدلفة: يحتاج إلى تطوير وزيادة الطاقة الاستيعابية عبر تشذيب المرتفعات وإعادة توزيع مقرات الجهات المختلفة، كونه أصغر مشاعر الحج، ونجاح الحج يمر عبره.
هذه بعض الأمور التي اتسع لها المقال، وضرورة تدخل وزارة الحج والعمرة في تفاصيلها، كون الوزارة هي الحاضن الرئيسي للحاج والمعتمر. وذلك للوصول إلى جودة خدمات تتواكب مع تطلعات القيادة الرشيدة، رعاها الله، ومع أعداد الحجاج والمعتمرين في التوجه المستقبلي.
حفظ الله المملكة وسددها على ما تقدمه من جهود وخدمات لهذه الشعائر المباركة.