المقالات

اغتراب

صعبةٌ على النفسِ شاقةٌ ومؤلمة تلك هي (الغربة)؛ لأنها تترك الروح هائمة، والوجدان في حالة من عدم الاستقرار..
الغربة سواءً بالجسد أو الروح متعبة منهكة.
قد يترك المرء بلاده لدوافع كثيرة باحثًا عن مكان يجد فيه ذاته، هذه الغربة ترهق البدن، فتذيبُ مفاصل العزائم، وتزرعُ في النفس حنينًا للوطن لا مفرَّ منه، ومع هذا كله ربّما ينجحُ في قطفِ آماله وتحقيقِ أحلامه بعزيمته وإصراره بعدَ الله، فيرتاحُ قلبهِ وتطمئن نفسه.

   أمّا غربةُ الروحِ فإنها مرّةٌ كالعلقم، فماأقسى ذلكَ الشعور؛ أن تكون بين أناسٍ تلتقي بهم كلّ يومٍ وتتحدث إليهم، بل قد تأكل وتشرب معهم وربمّا تنامون في مكان واحد! ولكنهم غرباء عنكَ أشبه بعابري سبيل جمعك بهم الطريق!

غربةُ الروح حياةٌ يتنفسُ صاحبُها الموت، فكل شيء باهتٌ حتى لون السماءِ، ووجه الطبيعة.. تتقزمُ السعادة في مجرد كلمة خاوية من معانيها.

مؤلمٌ أن يشعرَ المرء أن روحهُ منبوذة، وطاقته مكسورة، تنهش الحياة إرادته، فيشعر بانعدام قيمته وسط محيط يجهل مشاعره وحاجاته ورغباته.. ينعكس ذلك كله على نفسه فلا يُرَى إلاّ شديد الانفعال بمزاج سيء متخبطًا في صحراء من التيه تقوده إلى الإكتئاب والعزلة، كما وصفها هذا الشاعر قائلاً:

بك يا زمان أشكو غربتي
إن كانت الشكوى تداوي مهجتي
قلبي تساوره الهموم توجعًا
ويزيد همي إن خلوت بظلمتي

يقول أحدهم واصفًا غربةروحه:
(الغربة أماتت أزاهيرَ قلبي، فقد تحولت إلى أوراق خريفية تتساقط، كلمامرت بها نسمة هواء عابرة)
هكذا تعبثُ الغربةُ بالروح، إن تركناها تُحِيلنا إلى رمادٍ تذروه رياح الأيام.
إن كنت غريب روح فخير من تتحدث معه هو الله، أقم صِلتك بالصلاة.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم :(أروحنا بها يابلال)

فاقبض على شعور الغربة، ثم أطلق روحك للحياة.

بقلم /صباح أحمد العمري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى