الدماغ جهاز العقل، وهو آلة التفكير، ومنه تفور المشاعر، وتنطلق العواطف. ولكنه ينشط من دون وجود مركز تَحَكُّم وعلينا أن نعتني كل العناية بالتعرف على طبيعته، ووظائفه، وكيفية أدائه لهذه الوظائف. كما علينا أن نتعرف على آليات عمله، وعلى مزاياه، ونقائصه، وأسباب ارتباكاته …..
عالم الأعصاب البريطاني دين برنيت له كتابان عن الدماغ البشري أحدهما بعنوان ( المخ الأبله) والثاني بعنوان (المخ السعيد) إنه في الكتاب الأول يريد أن يبدد أوهامًا رائجة في كل العالم عن الدماغ لكي يدرك الناس طبيعة أدمغتهم؛ وتبعًا لذلك تكون لديهم معرفة علمية عن عقولهم التي هي نتاج أدمغةٍ هي أبعد ما يكون عن الكمال. إن العقل لا يكتسب مزاياه إلا بمقدار إدراكنا لعيوبه، وأخذ الحذر من نقائصه، وتمحيص نتاجاته. فهذا الإدراك، وهذا الحذر، وهذا التمحيص؛ يَدفع إلى إعمال العقل بعناية، ومواصلة التحقق مما ينجلي عنه من أفكار وآراء ومواقف وتصورات …..
إن محتويات العقل تنساب أو تتدفَّق تلقائيا. ومن واجب كل إنسان أن يترصد هذا الانسياب أو التدفق التلقائي وأن يقوم بالتمحيص والتحقق قبل إطلاق الآراء وقبل تحديد المواقف …..
يقول هذا العالم: (( يوجد آراء غريبة حول المخ البشري مثل القول بأنه استثنائي، وأنه مميَّز، وأنه لا يمكن نقده، وأن فهمنا له محدود للغاية. وهذا كله محض هراء))
ويضيف: ((المخ عضو في جسد الإنسان؛ فهو مجموعة متشابكة من عادات فوضوية، وصفات وعمليات غير فعَّالة؛ تراكم فيه الكثير من النفايات غير المهمة ))
ويضيف: ((المخ مقر الوعي ومحركٌ لجميع التجارب الإنسانية. لكنه أيضا فوضوي للغاية وغير منظم))
ويؤكد هذا العالم: (( الأدوار الجوهرية التي يقوم بها الدماغ لكنه بهذه الأدوار بعيد عن الكمال، وممتلئ بالعيوب والنقائص)) ثم يؤكد بأن: ((هذه النقائص تؤثر على كل شيء يقوله الإنسان أو يفعله أو يمر به)) إن الدماغ بنشاطه يُكَوِّن أنماطه ودوائره وهذه الدوائر تكون منآزرة في حالات الانتظام التلقائي أما في حالات الانفعال الشديد فإن الدوائر تعمل بشكل متنافر ….
0