أنت كما أنت أيها الوفي باقي على عهود هواك الأصيل، أنت كما أنت أيها المخلص دائماً تكون على أيام وعدك القديم، أنت كما أنت أيها الباهي مستمر في روعة جمال حسنك الفتان.
دعهم ياجميل يذهبون بعيداً بلا أي حسرة تُذكر في قلبك الحنون، دعهم يا عذب الصفات يذهبون حتى أقصى الطريق بلا أدنى ندم في فسيح فكرك الوضاء، دعهم يذهبون هناك ولعلهم لا يعودون حتّى الأبد فهم مجرد أرقام متهالكة لا قيمة لها على مقاعد مهترئة، ومثل تلك الأرقام كما تعلم تشبه بعض الأوراق البالية حيث لا يُكتب عليها أي شيء من كلمات الوفاء والصفاء، ولا تُنقش عليها أي جمل من العشق والغرام.
أتذكر أيها المحب الجميل في ليلة كنت أنت الأمل كل الأمل، وكنت أنت الحب كل الحب، وكنت المنى كل المنى، وكنت بطلتك الجاذبة من أجمل الحضور في مجمل ذلك المحفل ولولا بهاؤك الفتان لما كان بين الحاضرين أي أفراح تبعث، ولا كان للحاضرين أي عنوان ظاهر فقد كنت أنت العنوان المميز في جنبات ذلك المحفل الرحيب وباختصار كنت أنت بمثابة الضوء في تلك الليلة المعتمة.
هم يتبادلون الأدوار السخيفة ليس إلا.. وأنت ثابت في أول أماكن المقدمة، هم يتقمصون الوجوه المزيفة وأنت بوجه منير يُشبه القمر، هم يلبسون ثياب اللؤم والغدر وأنت تلبس ثياب النقاء والطهارة.
ويقيني ثم يقيني سيحل عليهم الكثير من الحزن من أدناهم حتى أعلاهم، وسيدخل كل الهم في أعماقهم من حيث أدركوا، أو لم يدركوا، وستعتريهم كآبة اليأس حتّى يعتقدوا أن الأرض الواسعة مجرد سجن ضيق له باب واحد ولا غيره حيث له دخول ولا خروج منه أبداً.
وأنت هنا متواجد في أرض فسيحة ولصفاء روحك الطاهرة عشقك الهائمون من كل جهة واتجاه، وأنت لنقاء سريرتك تزاحم المحبون في رؤيتك، وأنت لبسماتك الصافية تسابق العاشقون عليك؛ لإدخال بهيج السعادة في صميم دواخلهم بعد الاستزادة منها بشوق كبير أيها الوفي.
فيا حروف العشق في كل أرجاء الكون غردي في سماء المحبين طرباً وحباً وأملاً.. فاالباهي مثلك فقط يحل في أجمل صوره، وأحلى حضوره، وأجمل خطاه الساحرة تجاه ملتقى كل العاشقين.. فياسعد من يعرفه، ثم يهواه، ثم يعشقه بجنون، ثم يضعه في أقصى أركان قلبه المفتون حتّى الأبد.