لبنان، البلد العريق ذو الحضارة الممتدة لآلاف السنين، لم يشهد طوال تاريخه قرارًا هزيلًا ومستغربًا ومثيرًا للدهشة مثل قرار السلطة اليوم برفع شكوى اختطاف شخصٍ إلى مجلس الأمن الدولي، رغم أن الجهة التي ينتمي إليها مصنفة كمنظمة إرهابية. والعجيب أن السلطة فتحت تحقيقًا في كيفية اختطافه، بينما لم تفتح تحقيقًا واحدًا فيمن جرّ لبنان إلى الكارثة واختطف قرار الحرب منفردًا ودمر البلاد بمفرده.
ينطبق على هذا الوضع قول المثل: “الذئب يأكل من الغنم القاصية”، فقد كان ذلك الكيان بعيدًا عن الإجماع اللبناني، فابتلعه الذئب الصهيوني ومثّل به. كل الحروب والمآسي التي تقع في لبنان، وكل الدماء التي تُسفك على أرضه وتحت سمائه، سببها عصابة مارقة خارجة عن الإجماع العربي والإسلامي، تستخدم شعارات مخادعة. ومع كل ذلك، لم تتخذ الدولة اللبنانية قرارًا واحدًا يلجم عبثها في بلدٍ تجرّع شعبه ويلات الحرب وتحمل الرعب والتشريد والجوع، بينما تظل السلطة متفرجة، تنظر للوضع بكل برود وكأن لسان حالها يقول “لا حول لي ولا قوة”.
إنني لا أجد وصفًا لهذا المشهد المؤلم إلا في كلمات من حكمة الشاعر أبي الطيب المتنبي الذي قال:
واأحرّ قلباه ممن قلبه شَبِمُ
ومن بجسمي وحالي عنده سَقَمُ
أواه يا لبنان! من أصابك بالعين؟ ألم تكن يومًا قرة العين؟
هذا البيت قاله المتنبي في بغداد، لكنه ينطبق تمامًا على حال لبنان اليوم أيضًا. لا يمكن أن يبقى قرار لبنان رهينًا بين جهتين مفلسَتَين، مرتهنتين للخارج، غرست أظفارها في جسد الشعب اللبناني العظيم بحضارته وثقافته وإبداعه في شتى المجالات. استيقظوا يا شرفاء لبنان، يمكنكم – رغم اختلاف طوائفكم – أن تعيشوا تحت مظلة واحدة، شعارها “لبنان للكل وفوق الكل”.
أستاذ الإعلام الدولي