بادر القائد العام لقوات الدعم السريع المتمردة، محمد حمدان دقلو، بتقديم تهانيه للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تزامناً مع تهنئة مماثلة من كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك.
ومهما يكن من أمر، فإن السياسة الأمريكية حيال السودان لا يمكنها أن تتجاوز رؤى الدول المحورية في منطقة الشرق الأوسط أو لنقُل في العالم العربي والقرن الإفريقي حتى تتخذ قراراً نافذاً حيال الحرب في السودان.
الأطراف المعنية في السودان تتعامل مع الولايات المتحدة فيما يخص ملف الحرب وفق أمنيات ورؤى محددة توضح موقفها من الأحداث في السودان منذ بدايتها، ودوافعها سواء من زاوية الحرب أو السلم. وقد دعت جميعها الإدارة الأمريكية، بطريقة أو بأخرى، عبر رسائل التهنئة، للمساعدة في حل حالة الحرب والدمار، لكن كل طرف يقدم ذلك من وجهة نظره الخاصة.
ومن المعروف أن المبعوثين الأمريكيين للشأن السوداني أصبح لديهم رؤية شاملة للحل، تتخذ من منبر جدة أساساً لأي خطوة إلى الأمام أو لحل قد يلوح في الأفق. ويرجح أن هذا هو التوجه الذي سيدفع نحوه الرئيس ترامب بكل ثقله، بغض النظر عن موقفه من التنظيمات اليمينية في البلاد.
لن تتجاهل الإدارة الأمريكية بالطبع الدور الأفريقي والعربي، بل ستدعم كافة الجهود الدافعة نحو السلم ووقف آلة الحرب ونزيف الدم وتهجير المواطنين العزّل في أنحاء البلاد. كما أن إدارة ترامب لن تقوم بأي حال من الأحوال بإرسال قوات إلى السودان، استناداً إلى موقفه العام من الصراعات في العالم؛ فحتى وإن جرى تدخل أممي عبر الفصل السابع أو غيره، فإن توجهات ترامب تبين أنه لن يبعث بجندي واحد إلى السودان.
من المرجح إذن أن يتجه ترامب إلى تعزيز الموقف من منبر جدة والدفع نحوه بقوة، وتحشيد القوى الإقليمية المؤثرة لتليين المواقف، والسير في الاتجاه الذي كانت تقوده المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كمسهلين للعملية السلمية منذ إطلاق منبر جدة للسلام في السودان.
وتعتمد مبادرة جدة على التوافق السياسي والالتزام بالتفاوض كمخرج للأزمة، وتشير إلى أن الدعم من الدول المجاورة والمنظمات الدولية يلعب دورًا حاسماً في زيادة فرص نجاح المبادرة، فضلاً عن اعتمادها على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية لمعالجة قضية النزوح والاحتياجات الأساسية للسكان.
إن وجود الإدارة الأمريكية الجديدة من شأنه أن يعزز الضغط على الفاعلين الرئيسيين، بما في ذلك الجماعات المسلحة، للامتثال لجهود السلام، والحزم في الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة، والتأكد من وجود آليات فعالة لمراقبة التنفيذ.
توضح هذه الديناميكيات أن الحلول التي ستحملها إدارة ترامب للمشكلة السودانية ستعتمد على التعاون الإقليمي والدولي، مما يتطلب توافقاً بين الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار والسلام المستدام.