السيدة الطبيبة لطفيّة بنت عبد الحميد الخطيب ولدت عام 1345هـ في مكة المكرمة في بيئة اجتماعية راقية تحبّ العلم وتقدّر العلماء، والدها الأستاذ عبد الحميد الخطيب، عيّنه الملك عبد العزيز-رحمه الله- أوّل سفير للمملكة في الباكستان، وجدّها الإمام الشيخ عبد اللطيف العالم العلّامة والمدرس بالمسجد الحرام، و زوجة الشيخ حامد فطاني. أهدت إلي حفيدتها د. نهى ممدوح عبد الغفّار الأخصائية النفسيّة في العلاج النفسيّ والعلاج الزواجي الأسري، منذ عدة أعوام كتابًا عن مسيرة جدّتها: “مع الفتاة السعودية على طريق الأمل” فكان مرجعًا مهمًّا لي وللمهتمّين بتعليم المرأة السعوديّة وبداية التعليم النظاميّ في المنطقة الغربيّة، وفي مدينة جدّة تحديدًا.
يذكر المصدر أنّ السيدة لطفيّة بنت السيد عبد الحميد الخطيب عضو مجلس الشورى، نالت شهادة الدبلوم من كلية الطبّ وجامعة فؤاد الأول في دولة مصر في الولادة وأمراض النساء ورعاية الطفل والطبّ الشرعي، وكانت الأولى في الولادة والرابعة في مجموع العلوم من عموم طلبة القطر المصري لعام 1942 م العام. وقد عيّنتها الحكومة المصريّة حكيمة لمعهد التربيّة البدنيّة العالي للبنات. وهو ما كُتب عنها في جريدة أم القرى من العدد (930) الجمعة 13 شوال 1361هـ، 23 أكتوبر 1942م في صفحتها الأولى، تحت عنوان (فوز طالبة) كما أنّها أوّل فتاة سعوديّة نالت هذه الشهادة من الخارج، فنقدم لها ولوالدها عظيم التهاني.
كانت رائدة في التعليم الصحّي والثقافيّ والاجتماعيّ، وقد كتب فيها مقال بعنوان شكر وأمل…. في تأسيس كليّة طبّ نسائية قبل أكثر من خمسين عامًا، وذلك في بدايات تعليم المرأة السعوديّة. كما كانت السيدة لطفيّة أول من توظّف من النساء السعوديّات، وأول كاتبة كتبت باسمها الحقيقيّ في تاريخ الصحافة السعوديّة وذلك عام 1372هـ، كما أنّها أوّل من أشرف على أوّل صفحة في الصحافة السعوديّة تُعنى بالمرأة، تلك الصفحة التي أطلقها الصحافي حسن قزاز، وهو من الرعيل الأول للصحافيين السعوديين، وأطلق عليها «المرأة في بيتها» وذلك في عام 1379هـ. أي قبل ما يزيد عن 50 عامًا.
حاولت السيدة لطفيّة في ظلّ ندرة التوثيق عن المرأة السعوديّة أن توثق شيئًا من مسيرة المرأة السعوديّة وبالأخصّ في التعليم والإعلام. وأكّدت مصادر أنّ السيدة الخطيب هي أوّل رائدة في مجال العمل الصحفيّ في الصحافة المحليّة في المملكة العربيّة السعوديّة بلا منازع. كما كانت أوّل من طالبت بتعليم الفتاة السعودية، ولمدة ستّة عشر عاماً من خلال تحفيز الفتيات والأمهات، فكتبت حول ذلك في صفحات الجرائد المحلية في المنطقة الغربية (الندوة – البلاد -عكاظ- المدينة). كما ساهمت ككاتبة في جريدة البلاد عام 1379 هـ فكانت من خلال ما تنشر تعالج شؤون المرأة وواجباتها، وتعزّز توجّهها نحو التربيّة الصالحة.
أشارت مراجع عدة إلى أنّ السيدة الطبيبة لطفيّة أول مفتشة لمدارس البنات (مشرفة تربوية) كما أشرفت على مدرسة “دار الحنان” لصاحبتها الأميرة عفّت الثنيان آل سعود. وأبدت رأيها قائلة: “وصلت بنا السيارة إلى تلك الدار الكائنة بشارع المطار في مدينة جدة، ونظرت إلى اللوحة وكأنّها لوحة شرف تضعها المؤسسات تكلّل أعمالهن الجليلة التي تبذلها لمساعدة نساء السعوديّة”. كما تولّت الكتابة في مواضيع إذاعيّة لبرامج ثقافيّة في إذاعة القرآن والتلفزيون في المملكة العربيّة السعوديّة. وكان جلّ اهتمامها في الخدمة المجتمعيّة والتوعية والتثقيف الاجتماعيّ والصحيّ.
نقلت ابنتها الطبيبة ليلى حامد فطاني طبيبة أمراض القلب في جامعة المؤسس- رحمة الله عليهم جميعا- كلّ جهود السيدة لطفيّة التي بذلتها في سبيل تعليم الفتاة السعودية. في كتاب مع الفتاة السعودية على طريق الأمل. وضمّ الكتاب بين دفّتيه مذكّرات السيدة لطفيّة، وخطابات ومراسلات وأبيات شعريّة لتحفيز تعليم المرأة السعودية آنذاك.
لقد نالت السيدة لطفيّة التقدير بعد (55) عاماً من وفاتها؛ فحازت على جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز للمرأة السعوديّة المتميزة في 7بريل 2015 وذلك نظير ما قدّمت من أعمال جليلة هدف بعضها إلى تحسين المجتمع، ونشر رسالة العلم، والسعي لتبدأ بنفسها وأسرتها. لكن التكريم الحقيقي والجزاء الأوفى الذي ينتظرها سيكون من رب العالمين؛ جزاء إيصالها رسالة العلم والمعرفة إلى كلّ نساء مجتمعهن.
إنّ التاريخ المشرّف الذي سطّرته نساء السعوديّة في كلّ اتجاه وكلّ مجال من مجالات الحياة مع الحفاظ على هويّتهن، يستحقّ أن تفرد له مقالات وكتب، وتستحق السيدة لطفيّة وغيرها من نساء الوطن أن تطلق أسماؤهن على مدارس البنات في عموم المملكة. وهذا أقلّ تقدير لجهودهنّ في بناء منظومة العمل النسويّ والحراك العلمّي للمرأة المستمرّ -بتوفيق من الله- حتى اليوم.