عام

من غيابة الجب إلى القصر

حياتنا مسرح يتكوّن من فصول متنوعة، مزيج من الأفراح والأحزان. لكلّ منّا جانب مظلم من حياته وآخر مضيء. فبعضنا أرهقته الهموم وشيبته الديون، وبعضنا أثقلته تلك الزوجة التي لا تأبه إلا بالطلبات التي تكاد تهدّ كاهله، وآخرون يبحثون عن رضا أبنائهم رغم قسوتهم، ولا يجدون من برّهم حتى القليل.

ما حال تلك الأم خلف الأسوار، التي جمعت معاناتها من الإهمال والفقد والخذلان؟ أو ذلك الابن الذي لم يرَ أبًا يصاحبه أو أما تحسن تربيته؟ أو تلك الابنة التي لا تشعر بقيمتها إلا كأنها بطاقة صرّاف لذلك البيت؟ وما بال تلك الزوجة التي تتلاطمها أمواج الحزن والغضب، لخيانة زوجها؟ كم من متاعب نواجه في الحياة!

وكثير منا يريد الوصول إلى قصر مليء برفاهية الحياة، لكن، ما هي الوصفة التي تقودنا إلى السعادة الحقيقية لأنفسنا، وأسرنا، ومجتمعنا، بل وأمتنا بأكملها؟ لا بدّ أن نؤمن إيمانًا صادقًا، ونثق بالله سبحانه، فهو المحرك لعجلة حياتنا. وعلينا أن نزود هذا المحرك بالدعاء والتضرع لله عز وجل. ولنتعهد بتقوى الله وخشيته على كل ما نخاف عليه. وأما قائدنا في هذه الرحلة فهو السعي والصبر، ولتكن خريطة الوصول مرصعة بلآلئ الشكر والإحسان، حتى نصل إلى ذلك القصر.

ولنتذكر قول الله تعالى: “إنا نراك من المحسنين”، ففي قصة نبي الله يوسف عليه السلام نجد خارطة حياة، إذ غلب إحسانه وأخلاقه العالية على قضبان الحديد وشدة الظلم وألم الغدر والغبن. فهل نستطيع أن نحسن إلى تلك الزوجة التي قصّرت؟ وهل نجاهد في إصلاح ذلك الابن المتمرّد؟ وهل سنواصل إسعاد ذلك الزوج الذي أهمل؟ وهل سنقف إلى جانب تلك الابنة التي ما زالت تنتظر حنان الأب واهتمام الأم؟

أليس الوصول إلى ذلك الطريق يحتاج منّا الصبر والمثابرة للوصول إلى القصر المنشود؟ أسئلة وشجون تحمل في إجاباتها معنى الحياة، الحياة التي خلقنا الله لنعيشها في كنف عائلاتنا وطاعته، لنبلغ قوله تعالى: “هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ”

تربوية، مستشارة أسرية، وباحثة في أسماء الله الحسنى وأعمال القلوب

تعليق واحد

  1. ماشاء الله تبارك الرحمن
    جزى الله الكاتبة والتربية الفاضلة خير الجزاء لتطرقها لهذه الحيثيات التي تحتاجها كل الأسر في زمن التغير عما عهدناه في الاجيال السابقة .
    طرح رائع وأسلوب راق فلك مني ومن الجميع جزيل الشكر وبارك الله لك في الصحة والمال والأهل والولد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى