“الإنسان ولد طيبًا بطبعه ولكن المجتمع هو الذي يفسده”
تعكس مقولة جان جاك روسو. مضموناً يعكس الاعتقاد بأن الإنسان يولد بطبيعة نقية وسليمة، ولكن التفاعل مع المجتمع والبيئة المحيطة يؤديان إلى تغييره وإفساده، ومن قبل روسو فإن الفطرة السليمة متلازمة المولود ما قبل التأثير والعوامل الخارجية التي قد تصنع بصمتها على تلك الروح البيضاء، وهذا ما عرفناه عبر امتدادنا الديني.
الفكرة تتناول مفهوم الطبيعة الإنسانية في مقابل تأثير المجتمع، حيث يُنظر إلى الطفولة كمرحلة بريئة ومتحررة من العيوب الأخلاقية والاجتماعية، إلا أنه عندما يبدأ الإنسان بالتفاعل مع المحيط ومؤسساته المجتمعية من أسرة، ومدرسة، وثقافة، ودين سيتعرض لتأثيرات متفاوتة في الدرجات بين السلب والإيجاب تتسبب في انحرافه عن “طبيعته” الأصلية أو العكس.
يرى هذا التصور أن المشكلات الأخلاقية والعيوب الشخصية هي نتاج الضغوط الاجتماعية والتجارب السلبية، وليس جزءًا أصيلاً من شخصية الإنسان، إذ يعتبر الانسان مخلوق بعقل يمثل مسرح لتأدية الأحداث حسب ما يراه المخرج، والمخرج وحده الذي يمثل المحيط وهو من يقرر ماذا سيعرض على تلك الخشبة.
من منظور هذه المقولة، المجتمع هو بعض المخرج، حيث يُصوَّر كقوة قادرة على فرض قيود ومؤثرات تتسبب أحيانًا في انحراف الفطرة الإنسانية البسيطة الطيبة، وقد ينتج عن ذلك سلوكيات تعارض أصله، أو تسير وفق ما تمليه بذرة الفطرة الأولى، والخلق المقرر سلفاً في أرواح أولئك الأطفال.
توماس هوبز يرى وجهة نظر معارضة، حيث يرى أن الطبيعة الإنسانية مائلة للأنانية، وأن “الإنسان ذئب لأخيه الإنسان”، مما يعني أن البشر يسعون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة حتى على حساب الآخرين، وبهذا ينهدم ما قيل سابقاً حول الفطرة المُحِبّة والروح الطيبة، وعلى أقل تقدير ضعف التصوير دقة ذلك الجمال في الإنسان، وأيا كان فالكثير مما هو حولنا يشير لما حرره روسو ويريح النفس كذلك، ويبعث الفخر بجنسنا البشري.
يعيدنا العنوان إلى الكلمة الأكثر شهرة في مجتمعنا “مشكلتي طيبتي الزائدة” حتى لم تعد ترى تواجد للضد، لدرجة أن الجميع ضحايا الطيبة الزائدة، ولم نعد نعرف من هم أصحاب الخندق الآخر؟
ختاما… الطيبة ليست مشكلة ” لكل من يراها مشكلته” بل هي طبيعة تجعلك النسخة الصحيحة لتمثيلها وتحقيقها وتفعيلها، وأقول لك: مبروك “أنت الصح”