يعتقد كثير من الناس أنهم دائماً على حق، وأن الآخرين على خطأ طالما أنهم يخالفونهم الرأي؛ فهم الفاهمون العارفون، العباقرة، والآخرون لا يفهمون ولا يعرفون، بل أغبياء لا يفكرون. والطامة الكبرى أن هؤلاء يتحدثون ويفتون في جميع المجالات بإسهاب وتنظير منقطع النظير.
لنأخذ مثالاً بسيطاً ومنتشراً، وهو أن معظم الجماهير الرياضية -كلٌ حسب ميوله- إلا من رحم ربي، يفتي وينتقد اللاعبين والمدربين والحكام في أمور لا يعلم عنها شيئاً؛ فلا يعرف قوانين التحكيم بأكملها، ولم يمارس اللعبة، ولم يدرس أو يتمرس في التدريب.
تحضرني مقولة لأحد المدربين العالميين المشهود لهم كلاعب ومدرب متميز للفرق الكبيرة والمنتخبات العريقة، عندما درب أحد المنتخبات العربية وهاجمته جماهير ذلك المنتخب، فكان وكأنهم يرونه الوحيد الذي لا يفهم كرة القدم، بينما الشعب كله يفهم!
ولا يقتصر الأمر على الرياضة فقط، بل يتكرر في كل المسائل والعلوم. هذا مثال بسيط، والأدهى والأمر أن نجد من يفتي في أمور الدين بحجة أنه يحمل شهادة دكتوراه في الهندسة أو الطب أو غيرها من العلوم الدنيوية، فيعتقد أن له الحق في إبداء رأي مخالف للنصوص الشرعية -الربانية أو النبوية- بحجة أنه يفهم مقاصد الله ورسوله في الآيات أو الأحاديث أكثر من غيره، فقط لأنه إنسان يفكر ويتدبر.
فلا حول ولا قوة إلا بالله. إنه زمن الرويبضة، أجارنا الله منهم ومن فتاواهم.