المقالات

مستقبل المنطقة المنشود

رغم نجاح قمة الـ٥٥ دولة عربية وإسلامية المنعقدة بالرياض يوم الإثنين الحادي عشر من شهر نوفمبر ٢٠٢٤م، في تحقيق أهدافها الأبرز، وفي مقدمتها تحقيق المزيد من التضامن وتقارب المواقف وتأكيد العزم على المضي في طريق تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة العضوية في الأمم المتحدة وطرق جميع الأبواب المؤدية إلى فرض إرادة السلام على إسرائيل، ووضع حد للمخططات التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني وضد أمن واستقلال لبنان.. رغم هذا النجاح الذي هيأت له الرياض كل الأسباب، إلا أن العملية السلمية المنشودة في المنطقة مازالت بحاجة إلى المزيد من الجهد الضخم والعمل المتواصل والتحرك في أكثر من اتجاه، والتدرج المحسوب وصولا إلى تحقيق السلام الشامل والكامل والدائم، بإرادة دولية قوية وحازمة.

ومن المؤكد أن المملكة العربية السعودية التي تقود هذا التحرك القوي والواسع والمكثف بالتعاون مع دول العالمين العربي والإسلامي، سوف تركز اعتبارا من الآن وحتى القمة القادمة على مسارين هامين، وهما:
أولا- إيقاف الحرب على غزة وباقي الأراضي الفلسطينية وقتل الأبرياء وتأمين كافه أوجه الحماية والعيش بسلام، وكذلك في لبنان بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، وتجنب المزيد من الدمار والقتل والتشريد باعتبارها أهدافا أولية ملحة.

ثانيا- تكثيف الجهود وتوسيع دوائر الاتصال بكافة دول العالم وهيئاته ومؤسساته، لتحقيق المزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وسوف يتطلب ذلك العمل بكثافة على تحقيق هذين الهدفين، عبر إجراء اتصالات نوعية وعلى درجة عالية من الأهمية بالإدارة الأمريكية الحالية، وكذلك بالرئيس الأمريكي الجديد وإدارته المنتظر تسلمها مقاليد السلطة في العشرين من شهر يناير القادم ٢٠٢٥م، والاستفادة من نزعته الجادة نحو إعلاء مبادئ الأمن والاستقرار والسلام في العالم، عوضا عن الحروب وما تقود إليها من أهوال ومآسي لا قبل للإنسانية بها.

وهناك مؤشرات إيجابية للتوصل الى تفاهمات رفيعة المستوى، بحكم المكانة التي تمثلها المملكة، ليس في المنطقة فحسب، وإنما في العالمين العربي والإسلامي من جهة، وفي التعاون على أعلى المستويات مع الإدارة الأمريكية ورغبتها في تحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة، وإغلاق ملف الحروب وعمليات الاستنزاف لمقدرات جميع الأطراف.

ومن أجل ذلك، فإنه يمكن القول إن العملية وإن احتاجت إلى المزيد من الوقت ومن الصبر ومن الحنكة والعمل الدبلوماسي المكثف، إلا أنها وبهذا الالتفاف وهذا التضامن العربي والإسلامي، وبتعاظم النظرة الواقعية في التعامل مع قضية السلام بديلا عن الاستمرار في الحروب، بات من الممكن تحقيق الكثير في هذا الاتجاه.

وبكل تأكيد فإن الوقت من الآن وحتى العام القادم سيشهد تحقيق الكثير من النتائج الإيجابية التي سوف تظهر تبعا لحجم العمل الذي ستقوم به دول المجموعتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، لرفع المعاناة الجائرة، ليس فقط عن الشعب الفلسطيني الأبي والشعب اللبناني الصامد، وإنما على كافة الدول وشعوب المنطقة، وذلك بوضع حد للصلف الإسرائيلي المتزايد، وإيقاف أطماعها التوسعية وإحلال السلام العادل والشامل في نهاية الأمر بمنطقتنا، وبدء مرحلة جديدة من العمل على تنمية الأوطان، ورفع مقدرات الشعوب بعد سنوات طويلة من المآسي والأحزان والدمار، الذي لم يحقق أي هدف بناء لدول وشعوب المنطقة كافة.

وخلال هذه الفترة فإن الفرصة كبيرة أمام الإخوة الفلسطينيين نحو المزيد من الالتفاف حول بعضهم البعض، لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وتأمين الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني الأبي، وكذلك لعودة لبنان قويا وموحدا وقادرا عبر تعزيز مؤسساته الدستورية على إعادة الأمان والاستقرار والنماء إلى مختلف أرجائه تحت سلطة الدولة ومظلة مؤسساته الدستورية، في الوقت الذي يتوجب على دول المنطقة أن تعمل معا على تعزيز كل ما من شأنه ترسيخ قواعد التعاون والعمل المشترك لما فيه خير الجميع، وتحقيق المزيد من الاستقرار بالمنطقة، والتوجه نحو البناء وتنميه الأواصر وإزالة أسباب الفرقة والتناحر والصراع، وهي عوامل مهمة وضرورية من شأنها أن تجعل دولنا مجتمعة في درجه أعلى من القوة والتماسك بوجه جميع المهددات والأخطار، سواء جاءت من داخل الإقليم أو من خارجه.

وإذا تحقق كل هذا، فانه لا إسرائيل ولا غير إسرائيل تستطيع تهديد المنطقة وشعوبها، وإن كل من يطمع في أراضينا أو حقوقنا سوف يفكر ألف مرة ومرة قبل أن يعتدي على أي من بلداننا، وسوف ننعم جميعا بكل أشكال السلام والأمان والاستقرار والقوة والتطور الشامل والكامل في منطقتنا وداخل أوطاننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى