تُعد القضية الفلسطينية محورًا دائمًا للاهتمام في المملكة العربية السعودية، حكومةً وشعبًا، فهي قضية مركزية تُمثل جزءًا لا يتجزأ من الهوية العربية والإسلامية. وتجدد هذا الاهتمام في القمة العربية والإسلامية الطارئة التي استضافتها الرياض يوم الإثنين 11 نوفمبر 2024، حيث اجتمع القادة العرب والمسلمون لمناقشة العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، بناءً على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وبرئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
القمة جاءت تأكيدًا على دور المملكة في دعم القضية الفلسطينية، والحرص على تقديم جميع أشكال الدعم السياسي والإنساني للشعب الفلسطيني، وهو ما يعكسه أيضًا الخطاب الإعلامي السعودي، الذي لطالما كان سندًا قويًا لفلسطين عبر مقالات وتحليلات لكتّاب ومفكرين بارزين، وسوف استعرض معكم اليوم مقالين للدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخضيري، وزير الإعلام الأسبق.
مقالات الدكتور الخضيري: رؤية عميقة للقضية الفلسطينية
في يوم الاثنين 11 أغسطس 2014، تناول الدكتور عبدالعزيز الخضيري موضوع القضية الفلسطينية في مقالين بجريدة «الاقتصادية» تحت عنوان: «فلسطين.. وقفة قبل أن تفرقنا»، حيث قدم الكاتب رؤية شاملة وعميقة تعكس التزام المجتمع السعودي بالقضية الفلسطينية، مُبرزًا أهمية الوقوف مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ليس فقط من منطلق سياسي، بل كواجب ديني وإنساني.
في الجزء الأول من مقاله، أشار الدكتور الخضيري إلى أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية احتلال أو نزاع سياسي، بل هي قضية حياة ومصير، حيث عاش السعوديون والعرب والمسلمون عمومًا على حب فلسطين ودعمها منذ وعد بلفور وحتى يومنا هذا. وذكر الدكتور الخضيري أن الموقف السعودي، سواء الحكومي أو الشعبي، تجاه فلسطين ينبع من إيمان عميق بعدالة القضية، وأن دعمها واجب ديني ووطني.
كما استعرض الخضيري خطورة الانحراف الإعلامي والتشويه المتعمد للقضية، الذي يحاول تقزيمها من قضية إنسانية عادلة إلى نزاع سياسي محلي. وأكد أن المجتمع السعودي والعربي يجب أن يكون واعيًا لهذه المخاطر، مع ضرورة تقديم الدعم بكل الوسائل السلمية المتاحة لتعزيز حقوق الفلسطينيين.
في الجزء الثاني من المقال، طرح الدكتور الخضيري حلولًا عملية للحفاظ على مكانة القضية الفلسطينية في أذهان وضمائر الشعوب، منها إعادة تفعيل مبادرة “ريال فلسطين”، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بذكاء لنشر الوعي العالمي بالقضية، وتعزيز الضغط المجتمعي السلمي لدعم الحقوق الفلسطينية.
ذاكرة الصحافة السعودية
ما طرحه الدكتور عبدالعزيز الخضيري في مقالاته قبل عشر سنوات من انعقاد القمة الحالية، ينسجم تمامًا مع ما شهدته القمة العربية والإسلامية التي انعقدت في الرياض، يوم الإثنين 11 نوفمبر 2024، حيث أكدت كلمات القادة ومداولاتهم على أهمية توحيد الجهود لدعم القضية الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
كما عكست القمة الدور السعودي القيادي في حشد الدعم العربي والإسلامي لفلسطين، وهو ما أشار إليه الدكتور الخضيري في تأكيده على أهمية استعادة القضية الفلسطينية لمكانتها كقضية مركزية في العالم العربي والإسلامي، بعيدًا عن الخلافات الداخلية أو التنازلات التي قد تؤثر على عدالة القضية.
صحيفة مكة الإلكترونية
ترصد صحيفة مكة الإلكترونية اليوم اهتمام الصحافة السعودية بالقضية الفلسطينية ومن بينها مقالات الدكتور عبدالعزيز الخضيري، التي تؤكد حرص المملكة العربية السعودية على الحفاظ على عدالة القضية الفلسطينية والتصدي لمحاولات التقزيم أو التشويه التي تواجهها. وتظل القمة العربية والإسلامية، التي انعقدت في الرياض مؤخرًا، شاهدًا حيًا على التزام المملكة قيادةً وشعبًا بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ودعم كل جهد من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما تعكس مقالات الكاتب عبدالعزيز الخضيري اهتمام الإعلام السعودي بالقضية المحورية، حيث تؤكد هذه المقالات أن القضية الفلسطينية ستبقى حاضرة في الصحافة السعودية، وهي شهادة حية على التزام الإعلامي والمثقف السعودي بقضايا الأمة، ودعوة صريحة للوحدة والتكاتف في مواجهة الظلم والاحتلال، كما أن هذا النوع من المقالات في الصحافة السعودية سوف يبقى في وجدان الأمة، إلى أن تتحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في نيل حريته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لماذا الدكتور عبدالعزيز الخضيري؟
قد يتساءل البعض: لماذا اخترت الاستشهاد بمقالات الدكتور عبدالعزيز الخضيري وربطها بالقمة العربية والإسلامية الأخيرة في الرياض؟
باختصار شديد، أقول:
رأيت في مقالات الدكتور عبدالعزيز، الشمولية والعمق في الطرح، إضافة إلى الحقبة الزمنية التي امتدت لعشر سنوات، حيث إن ما تحدث عنه بالأمس أصبح واقع اليوم. كما لفت نظري المصادفة الجميلة وهي موعد نشر المقال كان يوم الإثنين، وهو نفس يوم انعقاد القمة بعد عقد من الزمان.
أضف إلى ذلك بُعد نظر الكاتب واستشرافه للمستقبل؛ فرغم مرور عشر سنوات على المقال، إلا أنه يصوّر واقع القضية الفلسطينية اليوم من خلال: نقد المحاولات الإعلامية لتقزيم القضية وتحويلها إلى نزاع سياسي محلي أو داخلي بين الفلسطينيين أنفسهم. وتسليط الضوء على محاولات تشتيت الانتباه عن جوهر القضية وعدالتها. وكذاك إبراز دور المجتمع السعودي الذي كان دائمًا في طليعة الداعمين للقضية الفلسطينية، سواء من خلال حملات التبرعات مثل “ريال فلسطين” أو من خلال ما يقدمه اليوم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. ودعوته إلى استثمار وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز حضور القضية عالميً، ولفت النظر إلى أن أخطر ما يهدد القضية الفلسطينية اليوم هو الانقسام الفكري والإعلامي بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، والذي يلعبه اليوم ما يُعرف بـ”الذباب الإلكتروني”. كما أن الكاتب شدد على ضرورة الوحدة الفكرية والاجتماعية لضمان استمرار الدعم للقضية الفلسطينية.
لم يكتفِ الكاتب الدكتور عبدالعزيز الخضيري بهذا الطرح، ولكونه كاتبًا محترفًا، قدم حلولًا مقترحة لدعم القضية الفلسطينية، منها:
العودة إلى حملات الدعم الشعبية مثل “ريال فلسطين”، وتعزيز استخدام الإعلام الرقمي لرفع مستوى الوعي العالمي بالقضية، وختامًا رفض الفرقة الإعلامية والمجتمعية التي تضعف القضية وتخدم أعداءها.