هناك أسر ضاربة في أعماق التاريخ لها شأنها بين قومها وبني جلدتها تجد من بين أفرادها من يمتلكون ناصية القول شعرا أو نثرا وهم أعلام في سجلات قراهم وقبائلهم ومجتمعاتهم. هم كثر والحمد لله بطول المملكة وعرضها ولعلنا قد سلطنا الضوء على بعض عناصر مثل هذه الأسر في مقالات سابقة وحديثنا اليوم على علم من أعلام قبيلة زهران من قبيلة بني كنانة تهامة وسراة إنه الشاعر – رجل الحكمة ومخاطبة العقل – حسن بن أحمد القافري رشيد قومه قرية القِِفَرَة بكسر القاف وفتح الفاء والراء هذا الرجل وقد جالسته منذو زمن عند الشيخ حسن بن محمد الزهراني يرحمه الله رجل يستمع أكثر مما يتحدث وإن تحدث تجد في حديثه المتعة والحكمة فهو راوي وملم بتاريخ زهران من الدرجة الأولى وبالذات في مجال الشعر إذ ينقل لك الأحداث القديمة وما يقوم به الشاعر من حل بعض القضايا العصية على كبار القوم فيصنع الشاعر قصيدة تؤثر في المتخاصمين سواء بصورة فردية أو قبلية قبل عهد التوحيد والتأسيس على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز حيث كانت الفتن بين القرى وبين القبائل مشتعلة بأسباب التعديات في كثير من شؤون الحياة التي كانت تؤرق عقلاء المجتمع.
والحقيقة أن الشاعر حسن القافري المعرفم بإسم «حسن الشاعر» أشهر من أن نقدمه لكم في مقالة قصيرة حسبنا أن بعض قصائده ومجالسه تنوء بالمستمعين الذين يجدون في قصائده الحكمة وفي قصصه المتعة والتطبيق .
هو حفيد الفارس يحي القافري وابنه الشاعر الفارس معيض بن يحيى القافري معروف عنهم الكرم ونصرة الضعيف وإصلاح ذات البين جهود وأنشطة متوارثة في هذه الأسرة ولذلك فإن معظم قصائدهم وبالذات الشاعر حسن تنحو نحو الإصلاح بالكلمة الطيبة المقبولة عند من يتوسط بينهم أو يستضيفونه أو حتى بالتدخل المقبول عن بعد، والشاعر حسن يحب قومه حبًا جمًا وله قصائد في مدح قبيلته دون مبالغة وله جهود في تأصيل العادات والتقاليد المرتبطة بالدين والدولة وله قصائد يذم فيها البخلاء ويكره المتسلقين على أكتاف الآخرين من باب الشهرة دونما رصيد اجتماعي يشهد له بهذه الشهرة، وله في ذلك قصيدة كثر تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي ومنها «التيك توك» حول ما رآه في المجتمع في القرن الرابع عشر من تغيرات سلبية أشدها الهياط وتقمص شخصية الآخر من خلال بعض المظاهر ومنها “التزين بالبشوت” لأسباب مادية أو من باب ما يسمى بالهياط اليوم الذي خلق أجواء ضاع فيها الكريم الحقيقي مع الذي يتصنّع الكرم ويقرّب منه بعض المطبلين الذين يكيلون له المدح بدون مبرر سوى أنه ربما يعطيهم فتات الطعام والمال وهم يبنون حوله جبالًا من رماد .
يقول في قصيدته الشعبية المتداولة التي قدمها للجمهور بأداء متميز المنشد صالح القافري قال :
أبو يوسف يقول اي صُفة اربطعش ذولا عيوني..
عارضوني في الوِنعم ليا قلت شيخ وولد شيخ..
قالو اسكت وفي ذا الوقت ماحد يشيخ الا بجيبه..
وأنت تبغى تشيّخ واحدً واجيوبه فاضيه..
قبّح الله منهو ماشرى الشيخه إلا بالدراهم ..
خيّب الله فعله ثم خيّب رجى اللي شيّخوه..
وأنا باشيّخ الوِنعم ولو ما معه إلا عمامه..
والخطل ماتشيّخه الملايين لو قنا بها .
وهنا يتضح استياءه من الذي يدّعي الشياخة وهو غير كفؤاً لها.
وله قصيدة ساخرة وجهها للذين يتسابقون على ولائم المناسبات قبل الضيوف المعنيين بالضيافة سواءً في الافراح أو ما يماثلها ويتهكم في المضيفين وأسلوبهم وهم يأخذون مكان الضيف عندما يدعوهم صاحب المناسبة لتناول المأدبة.
والحقيقة أن أسرة القافري من الأسر التي يتحدث عنها الكثير بما هم أهل له سواءً الذين توفوا -يرحمهم الله- أو الباقين -يحفظهم الله-.
تنحدر جذور حسن القافري من أسرة عريقة يلخص تاريخها الأستاذ التربوي محمد بن طقاف الكناني حيث يقول مدحًا في بيت القافري:
ياسلام الله على روسن عنيده كم تناطح روس
روس فيها الحكمة تبدي للعُدى وسط النهار القاسي
حي هذا الروس للخصام مكشوفة وقارعة
ماتلين إلا لخالقها صليبة مثل حيدن قاسي
مايعاندها قليل الرُشد معصوبة وقاسية
انعطاف قلم :
اهداني الكاتب الأديب الصديق سيف المرواني آخر إصداراته ” ساعة إلا دقيقة ” الذي يعتبر الخامس عشر وجميعها شارك بها في المعارض الدولية في المملكة ومصر ودول أخرى فنبارك للصديق هذا المولود الثقافي الذي سيرصع به جبين المكتبة العربية بما تحمل دفتيه من موضوعات شيقة وممتعة.