المقالات

أثر الصورة البصرية في تعزيز الهوية الوطنية

الصورة هي تجسيدٌ للمعنى، وفهمٌ للواقع من خلال مكوناتها ومدلولاتها، خاصةً عبر تفاصيلها وإيحاءاتها الرمزية التي تترسخ في الذاكرة، مما ينعكس على سلوك الإنسان، لا سيما في الجوانب المعرفية والمهارية.

فالصورة تُعد مكونًا رمزيًا يعبر عن الأشياء من خلال المثيرات الحسية عبر حاسة البصر والنظرة الإجمالية. تتحول الصورة إلى معانٍ تبقى في الذاكرة كمعارف ومفاهيم تعبر عن مدلولات بصرية واضحة، متجاوزةً حاجز اللغات بقدرتها على الانتشار والتأثير. فهي ترتبط بشيء محسوس وملموس أكثر من الكلمة المكتوبة أو المنطوقة التي غالبًا ما ترتبط بمعانٍ تجريدية وغير ملموسة.

إضافةً إلى وظائفها المختلفة، تحمل الصورة رسالة ذات مدلول محدد بكل تفاصيلها، مما يؤثر على الجانب الشعوري لدى المتلقي، سواء بشكل إيجابي أو سلبي. بناء الصورة بشكل متقن يضمن انسجامها مع مدلولاتها الرمزية ويُحدث استجابة إيجابية تؤثر على الجوانب النفسية والذهنية، مما يسهم في تغيير اتجاهات المتلقي وسرعة استجابته لتلك المدلولات.

يمكن استثمار دلالات الصورة ووظائفها لتعزيز الهوية الوطنية من خلال ربطها بالقضايا الوطنية والتاريخية التي تُنمي حس الوطنية لدى الأجيال. تعزيز الهوية الحضارية للدولة يتطلب بناء صورة بصرية وذهنية إيجابية تؤثر في الجوانب الشعورية، وتتحول إلى سلوك مكتسب ينعكس على الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية للأفراد.

إن بناء الصور البصرية في ذهن المتلقي يتطلب إتقان مهارات التفكير البصري، التي تشمل:
• تحديد الشكل البصري ووصفه وتحليله.
• ربط العلاقات في الشكل البصري.
• إدراك وتفسير المعاني واستنتاجها.

هذه المهارات تُسهم في إنتاج صور بصرية ذات تأثير قوي تعزز الهوية الوطنية، وتترك أثرًا إيجابيًا في وعي المتلقي.

يتعين على المؤسسات والهيئات الحكومية إدراك أهمية الصورة البصرية في تعزيز الهوية الوطنية وتنمية القيم الوطنية. ينبغي اختيار صور معبرة تحمل شعارات وهوية بصرية وطنية تعزز قيمة الانتماء للوطن ومكتسباته، وتُعرّف الأجيال بالقادة الذين كرسوا حياتهم لخدمة الوطن ونهضته، بدءًا من الملك المؤسس -طيب الله ثراه- إلى القيادة الرشيدة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله-.

أولت القيادة الحكيمة اهتمامًا بالغًا بتعزيز الهوية الوطنية والمحافظة على مكانة الصورة الرمزية للوطن ومقدساته في عقول الأجيال. واهتمت بكل ما يُبرز الهوية الوطنية من صور تحمل أبعادًا أثرية ووطنية، مما يعكس البعد الحضاري للوطن والإنسان السعودي ومكانتهما المرموقة على المستويين الداخلي والخارجي.

عشتَ يا وطني نبراسًا لكل الأمم، ومنارةً لكل الأجيال، شامخًا بحضارتك وهويتك التي نفتخر بها أمام العالم.

• عضو هيئة التدريس في جامعة شقراء

د. محمد حارب الشريف

عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى