يمثل التقدير في بيئة العمل أحد الركائز الأساسية التي تدفع الموظف لتقديم أفضل ما لديه إذ يلعب دوراً كبيراً في تحفيزه ورفع معنوياته. ورغم أهمية هذا الجانب يواجه العديد من الموظفين تحديات تتعلق بعدم تقدير مديريهم لمجهوداتهم مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط وربما انخفاض في الإنتاجية. فما هي أسباب هذا التجاهل؟ وكيف يمكن للموظف التعامل مع هذا الوضع بشكل مهني؟
أسباب تجاهل المدير لمجهودات الموظف
هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى تجاهل المدير لمجهودات الموظف بعضها يعود إلى طبيعة المدير نفسه، وبعضها يرتبط بالبيئة التنظيمية أو بظروف أخرى خارجة عن السيطرة. فيما يلي بعض الأسباب المحتملة:
1. انشغال المدير بالمسؤوليات الكبيرة: قد يكون المدير منشغلاً بالاستراتيجيات العامة والأهداف الكبيرة مما يجعله يغفل أحياناً متابعة مجهودات الموظفين اليومية.
2. افتقار بعض المديرين لمهارات القيادة والتحفيز: لا يمتلك جميع المديرين مهارات التحفيز أو الاهتمام بتقدير جهود الفريق فقد يركز بعضهم على النتائج النهائية فقط، ويتجاهل التفاصيل التي أسهمت في تحقيق هذه النتائج.
3. التحيز والتمييز في المعاملة: قد يميل بعض المديرين لتقدير موظفين معينين دون غيرهم لأسباب شخصية أو نتيجة تحيزات معينة مما يخلق حالة من الإحباط لدى الموظفين الآخرين.
4. عدم وضوح الأهداف والمعايير: عندما تكون الأهداف والمعايير غير واضحة قد يجد المدير صعوبة في تحديد ما إذا كان المجهود المبذول يستحق التقدير أم لا مما يترك الموظف يشعر بعدم الاعتراف بمساهمته.
5. التجاهل المقصود كأداة للتحفيز: قد يلجأ بعض المديرين إلى سياسة “التجاهل المحفز” ظناً منهم أن ذلك سيدفع الموظف لبذل المزيد من الجهد لتحقيق التقدير رغم أن هذا النهج نادراً ما يكون فعالاً وقد يؤدي إلى نتائج عكسية.
تأثير تجاهل مجهودات الموظف
تجاهل المدير لمجهودات الموظف له تأثيرات سلبية متعددة على المستويين النفسي والإنتاجي إذ يتسبب في:
1. انخفاض الحافز للعمل: حين يشعر الموظف بأن جهوده غير مقدرة يفقد الحافز لتقديم الأفضل مما يؤثر سلباً على جودة العمل وإنتاجيته.
2. زيادة معدلات التوتر والإحباط: يؤدي التجاهل المستمر إلى شعور الموظف بالتوتر والإحباط خاصة إذا كان يعمل بجد ويقدم نتائج مميزة دون اعتراف.
3. ارتفاع نسبة الدوران الوظيفي: قد يلجأ الموظفون الذين لا يشعرون بالتقدير إلى البحث عن فرص جديدة في أماكن أخرى تقدر مجهوداتهم وتوفر لهم بيئة عمل مشجعة ومحفزة.
4. تأثير سلبي على العلاقة بين الموظف والمدير: يتسبب هذا التجاهل في توتر العلاقة بين الموظف ومديره مما يخلق بيئة غير مريحة قد تؤثر على الأداء العام للفريق.
كيفية التعامل مع تجاهل المدير لمجهوداتك
التعامل مع هذا النوع من التحديات يتطلب مزيجاً من الاحترافية والذكاء العاطفي. إليك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعدك في التعامل مع تجاهل مديرك لمجهوداتك بطريقة مهنية:
1. التحدث بصراحة ووضوح: إذا شعرت بأن مجهوداتك تهمل حاول التحدث مع مديرك بلطف وإحترام. أشرح له إنجازاتك واهتم برأيه في عملك مع التأكيد على رغبتك في تلقي توجيهات لتحسين الأداء.
2. التركيز على العمل والإنجازات: ركز على تحقيق نتائج ملموسة تبرز مجهوداتك. أجعل إنجازاتك واضحة للجميع ليس فقط لمديرك من خلال التقارير الدورية أو مشاركتها مع زملائك.
3. الاعتماد على التغذية الراجعة: إذا لم تحصل على تقدير مباشر من المدير اطلب منه ملاحظات عن أدائك. هذه التغذية الراجعة ستساعدك على تحسين أدائك وتحديد النقاط التي يمكنك تطويرها، كما قد تجعل المدير ينتبه إلى جودة عملك.
4. البحث عن التقدير من زملاء العمل: في بعض الأحيان، قد يأتي التقدير من زملائك الذين يقدرون دورك ويعترفون بمساهمتك في الفريق. حاول بناء علاقات إيجابية مع زملائك لتعزيز روح الفريق والشعور بالاعتراف من بيئة العمل المحيطة.
5. تطوير مهاراتك باستمرار: أجعل تجاهل مديرك دافعاً لتطوير مهاراتك وتحقيق إنجازات أكبر. أستثمر في التعليم والتطوير الذاتي لتقوية أدائك وجعل إنجازاتك واضحة بحيث لا يمكن تجاهلها.
6. طلب نقل داخلي أو تغيير الوظيفة إذا استمر الوضع: إذا استمر التجاهل وأصبح يؤثر على صحتك النفسية والمهنية فقد يكون من الأفضل البحث عن بيئة عمل جديدة تقدر جهودك وتدعم تقدمك المهني.
إن تجاهل مجهودات الموظف في بيئة العمل يعد من التحديات الصعبة التي قد تؤثر على معنويات الموظف وأدائه العام. ورغم أن بعض الأسباب قد تكون خارجة عن سيطرة الموظف إلا أن التعامل المهني والذكي مع هذا الوضع قد يساعد في تقليل آثاره السلبية وتحقيق التقدير المطلوب. في النهاية يتطلب الأمر صبراً وثباتاً، مع مواصلة تقديم الأفضل وتطوير المهارات والاستعداد لاستكشاف خيارات أخرى إذا لزم الأمر.
عضو هيئة تدريس – جامعة المؤسس
