سلام عليك يا وطن الأمجاد يوم ولدت شامخًا في قلعة المجد .. في مصمك الأجداد.. وعرفت لمن تبوح بسرك ولمن تعطي الأمان.. لمن يحفظ الوعد ويصون العهد ويحمل عبء الأمانة ومسؤولية الرسالة عهدًا بعد عهد.. لمن يعرف قيمة الأرض ومعنى الأوطان.. لمن أدرك منذ البدء أن الأرض أغلى من الدم.. وأن التراب أثمن من التبر.. وأن لا شيء يعادل في قيمته أرضه المباركة التي تضم أقدس بقاع المسلمين وقرة أعين المؤمنين ومحط أبصارهم ومهوى أفئدتهم .. وقبلتهم ومحجهم ومعتمرهم .. ومكانهم الأول الذي تشد إليه الرحال وتتعلق به الأفئدة والأبصار..
سلام عليك يا وطن التضحية والفداء … يوم انتصرت في معارك الشرف خلال مسيرة التوحيد والوحدة والتنمية والبناء.. واليوم في معارك التصدي للفتن والوقوف في وجه الإرهاب.. ليظل النصر دائمًا وأبدًا وبإذنه تعالى حليفك ورفيقك على الدرب.
سلام عليك يا وطن العزة والشموخ يوم أعطيت فأجزلت العطاء .. نفطًا وحنطة .. نخلاً وتمرًا.. أمنًا ونورًا وعلمًا.. واسمًا بازغًا في سماء الأوطان .. فكان كرمك غير محدود .. وعطاؤك بلا حدود.
سلام عليك يا وطن ما كان ليرى النور لولا مشيئة الله الذي قيض له عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود موحدًا ومؤسسًا وبانيًا ومدشنًا لانطلاقته الكبرى ومسيرته المباركة حتى أصبح وطنًا ليس كغيره من الأوطان.
*****
ليس الوطن مجرد تراب نمشي عليه ونذوب فيه بعد الممات، وليس سماء نسعى تحتها وتجلب لنا الخير والأمطار.. وليس الوطن نخل وجبل وواد، وليس نبعًا وعينًا جارية وسنابل قمح وقصيدة تخلدها الأيام.. الوطن كل ذلك وأكثر، فهو جذورنا الراسخة في الأعماق، وهو تراثنا الخالد عبر الأزمان.. وهو الذي يجمعنا في وحدة وطنية لا مثيل لها بين الأوطان تحت راية لا تنكسر أبدًا – راية التوحيد.. وهو الدافع والمحرك الأكبر لوحدتنا والتمسك بالأرض والذود عن أرضه المباركة التي اختصها الله بالقدسية والبركة والطهر بحرميها الشريفين وكعبتها المشرفة، ويكفي أنها مهد الرسالة ومنطلق دعوة الإسلام.
كانت تلك المشاعر والمعاني تتملكني وتحلق بي في عالم دري في كل مرة أخط فيها بقلمي مقالاً عن مؤسس الكيان وباني الوطن أرضًا ووطنًا وإنسانًا، وكيف تحققت المعجزة، وأصبح الحلم حقيقة والخيال واقعًا وترجمة صادقة لآمال وطننا الغالي.. وكانت التجربة السعودية التي ظل النجاح حليفها عبر التاريخ – والتي سيكتشف القارئ كلمة السر في نجاحها- تهزني من الأعماق، وعندما قررت أن أترجم مشاعري وأنقلها إلى عهد وثيق بيني وبين الوطن قررت أن أخط هذا الكتاب بمشاركة الأخ المؤرخ د. إبراهيم فؤاد عباس الذي كثيرًا ما وثق بمقالاته ودراساته محبته لهذا البلد الكريم الذي أعطى فأجزل العطاء، وضحى بالغالي والنفيس لنصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية.
لقد كان همي الأكبر من تأليف هذا الكتاب الوثائقي الهام الذي يستهدف الشريحة الشبابية التي تشكل النسبة الأكبر في شعبنا النبيل الكشف عن كلمة السر وراء نجاح التجربة السعودية، بما حققته من رسوخ ونجاحات وانجازات في فترة زمنية قياسية لنرى المملكة العربية السعودية في نهاية المطاف دولة تقف في الصفوف الأولى للدول المتقدمة صناعًة وعلمًا وتقنية ونورًا وحضارة، دولة تحتل مكانة مرموقة على الخريطة الدولية، وتساهم في صياغة القرار الإقليمي والدولي، دولة تتسابق دول العالم إلى طلب صداقتها وخطب ودها.
*****
إن أهم مظهر من مظاهر نجاح التجربة السعودية نجاح الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- في تأسيس دولة وإنشاء نظامًا، ولم يكن ذلك بالأمر الهين، فتلك مهمة، كما يذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل «تعهد بها المقادير لرجال لا يتكررون بسهولة، ذلك أن تأسيس الدول وإنشاء النظم يحتاج أول ما يحتاج إلى إرادة تستطيع في لحظة استثنائية أن تحرك التفاعل الكيميائي الخلاق بين الجغرافيا والتاريخ، مما يولد ويفجر طاقة فعل هائلة”.
وليس من الصعب أن يكتشف المرء في نهاية المطاف أن كل ما تحقق للوطن من انجازات ونجاحات، وكل ما نتمتع به الآن من أمن واستقرار ورخاء وازدهار يعود الفضل فيه بعد الله عز وجل للقائد الموحد المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، ولابد أن العديدين قد لاحظوا أنه كلما مرت الأيام والسنون، كلما اتضحت جوانب جديدة في عبقرية الملك عبد العزيز.
كانت تلك المعاني والرموز ترجمة لمشاعري تجاه وطني الغالي الذي تنمو محبته في وجداني عامًا بعد عام حتى أصبح مبتدأي وخبري، وكيان داخل كياني، ومحور حياتي، وأحلى أمنياتي أن يصبح أجمل الأوطان وأكثرها تقدمًا واستقرارًا وأمنًا ورخاءً وسلاماً.
حملتني تلك المشاعر الجياشة وأنا بصدد إصدار كتابي هذا الذي قدمت له سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد آل عبد الرحمن آل سعود، الذي وثقت فيه انطباعاتي ومشاعري إزاء التجربة السعودية التي تحققت لها سبل النجاح تحت قيادة المؤسس والموحد والباني العظيم جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود – يرحمه الله – عبر تسعة فصول بعد الإهداء لسمو ولي العهد أيقونة شباب الوطن ومحبوبهم ومثلهم الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز هي: بداية المجد- أثر البيئة والتربية في بلورة الشخصية القيادية للملك عبد العزيز- ملامح الشخصية القيادية للملك عبد العزيز- مظاهر عبقرية الملك عبد العزيز – سر العلاقة الفريدة بين الشعب السعودي وقادته – حكايات عن الملك عبد العزيز – أقوال وانطباعات المشاهير عن الملك عبد العزيز – أبرز الصحف والمجلات التي أشادت بالملك عبد العزيز- كلمات قالها الملك عبد العزيز. وقد تم التركيز بشكل خاص على الفصل السادس (حكايات عن الملك عبد العزيز) التي عكست إنسانيته وشجاعته وحكمته وكرمه ومحبته لشعبه.
الكتاب – استنادًا إلى ما سبق- لا غنى عنه للشباب السعودي الناهض ليس فقط لما تضمنه من معلومات مهمة وأساسية، وإنما أيضًا لما هو مؤمل منه من أثر كبير في تعزيز الانتماء وترسيخ الهوية لدى شباب الوطن، وأيضًا كي يقف هذا الشباب الذي توحده رؤية 2030 على عظمة تلك التجربة وسر نجاحها وعظمة صانعها والإلمام بجوانب عبقريته التي تتكشف مظاهرها لنا يومًا بعد يوم ونحن نقطف ثمارها الآن مجدًا وعلوًا وشموخًا.
ولا يسعني وأنا أتحدث عن كتابي هذا بكل الفخر والاعتزاز إلا أن أتوجه بالشكر والامتنان لسمو الأميرة الدكتورة الجوهرة آل سعود وللفنانين التشكيليين المبدعين سعادة الأستاذ أحمد المغلوث وسعادة الأستاذ ضياء عزيز ضياء اللذين طرزا وأضاءا بلوحاتهم الفنية هذا الكتاب الذي أتمنى أن يقرأه كل شابة وشاب سعودي أنجبتهما هذه الأرض الطاهرة المباركة.
0