الضرورة هي: الاحتياج الشديد، وهي بلوغ الإنسان حدًا إن لم يفعل ما تمليه الضرورة عليه هلك. والضرورة أعلى مرتبة من الحاجة؛ لأن الحاجة إذا لم تتحقق للإنسان لا يهلك.
وسوف أقتصر حديثي على ضرورة العبادة في الدنيا، لأن الضرورة للعبادة في الآخرة مشروحة وموضحة في كتاب الرحمن وحديث النبي عليه الصلاة والسلام.
وسوف أقدم تجربتي الشخصية كحالة دراسية، وسأكون صادقًا ومباشرًا فيما أقول، مقدرًا تجارب غيري. وحتى يسهل على القارئ الفهم، فسوف أطبق منهجية التفكير المنطقي التي تتكون من عنصرين:
1. موقف (Stand)
2. حجج تدعم الموقف (Evidence)
أولًا: الموقف
العبادة ضرورة تماثل ضرورة الماء والأكل، ويترتب على ترك العبادة ما يترتب على ترك الماء والأكل من ألم وهلاك. ويتفاوت العائد من الأكل والعبادة بتفاوت الجودة، فالأكل الطيب نفعه أكثر، والعبادة الصالحة نفعها أعظم.
وكما أن جميع البشر يأكلون ويشربون ليبقوا على قيد الحياة، فجميع البشر لديهم شكل من أشكال العبادة كما ورد في كتب الملل والنحل.
ثانيًا: الحجج
لماذا كان موقفي أن العبادة ضرورة؟ ولماذا رضيت بالله ربًا، وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا؟ ولماذا آمنت بالغيب وما يحصل بعد الموت من بعث وحساب وثواب وعقاب؟
سأسرد أبرز الأحداث الداعمة لموقفي بأن العبادة ضرورة كما يلي:
1. الشعور بالهلع والقلق والخوف:
عند السفر، كانت تسكنني حالة من القلق والخوف على النفس والأسرة والمال، ولا تستطيع المهدئات أو النصائح تخفيفها. لكن “توكلت على الله” كان الحل الذي أذهب عني القلق والخوف، ولولا ذلك لهلكت بسبب الهلع ووعثاء السفر.
2. الجحود وعدم الرضا:
كنت أواجه صعوبة في كسب رضا الآخرين أو ديمومته، سواء من الأقربين أو الآخرين. لكن عندما أعمل على إرضاء الله، أجد راحة النفس والرضا، وأقول: “إن معي ربي”، فأجد الطمأنينة.
3. الإجابة على الأسئلة الصعبة:
عندما أواجه أسئلة لا أجد لها إجابة، أردد: “الله أعلم”، فأشعر براحة تنزع الحرج عني، وأنتظر لحظة يمنحني الله فيها الجواب.
4. نعمة الاستغفار:
الاستغفار يزيل الحسرة والندم على الأخطاء والذنوب، ويفتح أبواب الخير ويحفز على فعل الحسنات.
5. إدارة الاختلاف:
أرى في الاختلاف فرصة للتأمل في قدرة الخالق على تنوع خلقه، فأتعبد الله بالتفكر في معجزته التي جعلت كل إنسان فريدًا في شكله وطباعه.
6. الاستقواء بالله:
عند مواجهة أمور تفوق طاقتي، أو التعرض للمرض أو الظلم، أستعين بالله وأتذكر قوله: “كن فيكون”، فأجد نفسي مطمئنًا بأن حاجتي مقضية.
7. الصحة النفسية وحسن الظن بالله:
أنا مطمئن بأن دنياي وآخرتي بيد أعدل العادلين وأكرم الأكرمين، وهو خالقي وولي أمري.
8. المآلات:
أتأمل في عاقبة الصالحين الذين خصهم الله بالتوفيق، وأتعظ من حال العصاة الذين ظلموا وأوذوا، فكان مصيرهم الهلاك.
9. الثمن:
عبادة الله تأتي بلا ثمن أو تضحيات مادية، فهي جودة حياتية وليست تكلفة.
10. المرجعية:
العبادة هي المرجعية الموثوقة التي تفرق بين ما يجب فعله وما يجب تجنبه.