قناديل مضيئة
يمر قطار الحياة الزوجية، مع مرور السنين، بالكثير من المحطات؛ فتجد التوافق والاختلاف، والفرح والترح، والسعادة والحزن. وهذا ما يجعل لها قيمة ومعنى وطعمًا مختلفًا، حيث يجتمع جمال الحوار وصفاء النفس مع حلاوة اللقاء. ولكن أخطر محطة هي تلك التي يختار فيها الزوجان، أو أحدهما، الصمت تشريعًا للعلاقة الزوجية. فتتحول العلاقة إلى علاقة صامتة يشوبها الملل والفتور، الذي يفضي بدوره إلى السأم وكره الاستمرار، ناهيك عن الألم والحزن الذي يتسلل إلى نفوس الأبناء، وهم يشاهدون مشهدًا صامتًا أو شبه صامت في منزل تحول إلى “منزل أشباح”.
إن للعلاقة الصامتة بين الأزواج أسبابًا كثيرة، لعل أهمها كثرة الخلافات التي لم تجد حلاً جذريًا، وعدم تفهم احتياجات الطرف الآخر. فيلجأ الزوجان، أو أحدهما، إلى اختيار الصمت كنافذة للهروب من المواجهة وتفاديًا للدخول في صدام محتمل. ونجد البعض يهاب الحديث عما بداخله، وما يكمن في وجدانه، وما يشعر به، وما يحتاج إليه، خوفًا من الوقوع في مشكلة يصعب حلها من وجهة نظره، على الأقل. فيختار الصمت بدلاً من الكلام، ويكبت مشاعره وأحاسيسه، هربًا من واقع صنعه بنفسه.
وبذلك الصمت، تتسلل مشاعر مخيفة تشعر الزوج أو الزوجة بالإهمال أو العزلة، وعدم القدرة على فهم الطرف الآخر، الذي بدوره اختار الصمت وأصبح كصندوق مغلق لا يُعرف ما بداخله. وقد يؤدي الصمت إلى قلة الارتباط العاطفي، وانهيار أواصر المحبة وجسور الاشتياق، وانعدام المودة والرحمة. وكثيرًا ما يشعر الشريك الصامت بالحاجة إلى البحث عن منافذ أخرى يجد فيها أذنًا صاغية تلبي احتياجاته وترعى اهتماماته.
ولكي يستطيع الزوجان مغادرة هذه المحطة البائسة، يجب العمل على إيجاد الجو المناسب للحديث والمشاركة والاستماع، وتغيير زمان ومكان الحوار والنقاش إلى أماكن تعلو فيها نغمة الهدوء والرومانسية. كما ينبغي الحرص على التواصل المعنوي، وإظهار العاطفة والابتسامة.
نبض كاتب
صمتُ الحبيب مقبرة
جدباءَ أرضًا مقفرة
قولي حديثًا فعله
غيثًا موزونًا ممطرة