جاءت تطورات الأحداث في سوريا خلال الساعات الماضية، ورحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة ومغادرته للبلاد، عقب سيطرة الفصائل المسلحة على العاصمة دمشق، ليمثل حلقة جديدة في سلسلة الأزمات المعقدة داخل الشرق الأوسط.
ومنذ اليوم الأول للأحداث التي شهدتها سوريا في العام 2011م وقفت المملكة على مبادئ ثابتة، تمثلت في أهمية ضمان أمن سوريا ووحدة وسلامة أراضيها بعيدًا عن التدخلات الأجنبية، والتأثيرات الخارجية، إيمانًا منها بأن سوريا للسوريين، وهم الأحق بإدارة شؤونهم، وتقرير مصيرهم وفق حوار داخلي يفضي إلى الخروج من الأزمة في كامل منعطفاتها.
وعلى مدار السنوات الماضية انحازت المملكة في كامل قراراتها ومواقفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق الذي عانى مطولاً من حالة الحرب وعدم الاستقرار، واستضافت المملكة ثلاثة ملايين سوري وعاملتهم معاملة المقيمين لا اللاجئين، ووفرت لهم متطلبات الحياة الأساسية من تعليم وعلاج بالمجان، وأتاحت لهم ممارسة العمل، وأعادت دمجهم بالمجتمع.
وشهدت السنوات الماضية ميلاد أجيال كاملة من السوريين على أرض المملكة في الثلاثة عشر عامًا الماضية، ولم يشعروا يومًا بأنهم غرباء في وطنهم الثاني الذي كان لهم وطنًا أولَ في ظل ما تشهده بلادهم من حالة فوضى وعدم استقرار.
وتتابع المملكة اليوم تطورات الأوضاع في سوريا باهتمام بالغ، وتتطلع إلى عودة الاستقرار سريعًا، وانتظام مؤسسات الدولة بكافة مكوناتها، والحفاظ على أمن ووحدة وسلامة الأراضي السورية، وتغليب الحكمة وبناء الدولة الوطنية التي لطالما نشدها السوريون.
وتأتي عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وانفتاح المملكة على ذلك، اتساقا مع خارطة طريق ووعود من الجانب السوري بتحقيق الإصلاحات، وفتح صفحة جديدة مع مواطنيها، واحتوائهم وإعادتهم إلى الداخل السوري، وتحقيق الحياة الكريمة لهم، كما كان مرتبطًا بشكل أساسي بملفي مكافحة المخدرات وإعادة اللاجئين، إلا أن النظام في دمشق لم يحرز أي تقدم في ذلك.
كما تعد مسألة إعادة فتح سفارة المملكة في دمشق وفتح السفارة السورية في الرياض، نتيجة طبيعية لعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة، حيث حرصت المملكة على ذلك من أجل تسهيل شؤون السوريين المقيمين في المملكة أو الراغبين في زيارة المملكة لأغراض الحج والعمرة والزيارة والعمل.
ومنذ عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية لم يحدث أن تمت دعوة بشار الأسد إلى زيارة رسمية، واللقاءات التي جرت مع مقام القيادة – يحفظها الله – كانت في إطار مشاركة سوريا في القمم التي تستضيفها السعودية.