أنواع الأحياء لا يقتل بعضها بعضًا فالأسد لا يفترس الأسود والذئب لا يفترس الذئاب والفهد لا يفترس الفهود والنمر لا يفترس النمور والفيل لا يقتل الأفيال والصقر لا يقتل الصقور وكل الأنواع لا يقتل بعضها بعضا ليس عجزًا فهذه الضواري المفترسة لا تفترس صغار النوع الذين لا يستطيعون المقاومة ولكن الحيوانات مبرمجة بعدم قتل نوعها …..
الإنسان وحده هو الذي يقتل نوعه بضراوة وعنف ووحشية ويزهو بنفسه كلما أمعن في القتل والتدمير ونشر الرعب …..
يقول المفكر المعروف آرثر كوستلر:
((إن قتل الكائنات بواسطة كائنات من النوع نفسه هو ظاهرة لا يشارك الإنسان فيها سوى بعض الفئران والعناكب))
الإنسان لا يرتقي إلى شموخ الأسود أو النمور أو الفهود أو الذئاب ولكنه في الجانب العدواني يهبط إلى مستوى الفئران والعناكب …..
الإنسان كائن أرعن وأهوج وعاجز عن التروي والهدوء والإنصاف وقد استخدم كل قدراته الذهنية وكل طاقاته العاطفية وكل مهاراته العملية في تطوير وبناء آلات الحرب ووسائل التدمير …..
إن الكثير من وسائل الحياة هي في الأصل تمخضت عنها الحروب حتى الذكاء الاصطناعي تمخضت عنه الحرب العالمية الثانية فأثناء محاولات فك الشفرة الألمانية بزغت فكرة الذكاء الاصطناعي في عقل العبقري الانكليزي تورينغ …..
عبقرية الإنسان لا تتفتق إلا حين تفور بالاهتمام التلقائي أو حين يحتدم النزاع حيث يبحث كل طرف عن كل الوسائل التي تمكنه من تركيع وإذلال وهزيمة خصمه …….
وليس قتل الإنسان للإنسان هي نقيصته بل هو مشحون بالنقائص فالغني تقتله التخمة والناس حوله جياع ومثلما يقول بيير بومارشيه:
(( الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يأكل وهو غير حوعان ويشرب وهو غير ظمآن ويتناسل في كل المواسم))
إن الإنسان كائن يزخر تاريخه وحاضره بأشد التناقضات إنه العبقري الذي يكتشف أعظم أسرار الكون ولكنه الكائن العدواني الذي يفيض بالأنانية والوحشية والشراسة والعنف ..
0