المقالات

قطار الخير

من أبرز معالم النهضة السعودية التي لا تخطئها العين البصيرة، ولا تتجاهلها تأملات المنصف المحايد، ما تشهده المملكة العربية السعودية في العهد السلماني الميمون من نقلات حضارية وقفزات نوعية واضحة تشمل جميع الاتجاهات. ومن أبرز الأمثلة التي تبرز هذه النهضة مشروع قطار الرياض، الذي بدأت فكرته منذ ستة عشر عامًا على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.

تمثلت هذه الفكرة الطموحة في تخطيط مشروع ضخم يتكون من ستة مسارات تمتد لتغطي أنحاء مدينة الرياض. وقد بدأ تنفيذ المشروع في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- واستكمل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-، برعاية ومتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-.

ومؤخرًا، تم إطلاق ثلاث مسارات متوازنة من مشروع قطار الرياض، على أن تُستكمل باقي المسارات لاحقًا لتغطية جميع أنحاء العاصمة. وتم تعزيز المشروع بأسطول حديث من الحافلات المجهزة بمسارات خاصة ومحددة، وذلك لاستيعاب سكان العاصمة المترامية الأطراف.

ولا يتوقف الأمر عند هذا المشروع فحسب، فقد تم تشغيل مشاريع قطارات أخرى، منها:
• قطار الرياض – المنطقة الشرقية.
• قطار الرياض – القصيم – المنطقة الشمالية.
• قطار الحرمين السريع، الذي يربط المدينة المنورة، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومكة المكرمة.

كما تم التعاقد مع شركات عالمية لتصميم وتنفيذ شبكة قطارات حديثة بين المملكة والكويت، مع خطط لتوسيع الشبكة لتشمل كافة دول مجلس التعاون الخليجي. هذه الخطوات تمثل نواة لمزيد من المشاريع الحضارية التي تهدف إلى ربط الرياض بكافة مناطق المملكة ودول الجوار.

*مشاريع القطارات ورؤية 2030*

تتماشى هذه المشروعات مع رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تحقيق التطوير الحضاري الممنهج وتقليل الاعتماد على الحامل الجوي، مما يسهم في تعزيز مصادر الدخل المتجددة. هذا التطور يربط بين النهضة الحضارية للمملكة وبين تطور المناطق الصناعية، التجارية، والسياحية، مما يعزز التواصل الاستراتيجي داخليًا وخارجيًا.

الرؤية تشمل أيضًا توسيع منظومة القطارات لتشمل دولًا عربية أخرى مثل العراق، الأردن، مصر، واليمن، بما يدعم حركة التجارة والسياحة، ويسهل تنقل الحجاج والمعتمرين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة طوال العام.

*فوائد منظومة القطارات السعودية*

يمكن استشراف مستقبل هذه المشاريع من خلال عدد من الفوائد الأساسية، منها:
• تنشيط حركة التجارة والسياحة: تعزيز الربط بين مدن المملكة ودول الجوار الخليجي والعربي، مما يفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي.
• تقوية اللحمة الاجتماعية: تسهيل التنقل بين مدن المملكة وعواصم الدول المجاورة، مما يعزز علاقات الجوار وتواصل الشعوب.
• خلق فرص وظيفية للشباب: منظومة القطارات توفر فرص عمل متعددة في مجالات التشغيل والصيانة والخدمات المرتبطة.

إن هذه المشاريع الحضارية، برؤاها الواضحة وتخطيطها المتقن، تمثل علامة فارقة في النهضة السعودية. فهي تجمع بين الماضي الأصيل والحاضر المزدهر والمستقبل الواعد، بما يجعل المملكة نموذجًا يحتذى به في التطور والتنمية الشاملة.

أ.د. غازي غزاي العارضي

استاذ الدعوة والثقافة بجامعة الاسلامية وجامعة طيبة سابقا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. فكر راقي دكتور غازي ومقال يعكس شئ من الواقع المعاش ونسأل الله أن يجعل التوفيق حليف بلادنا دائماً ويوفق ولاة امرنا لكل مافيه صلاح البلاد والعباد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى