المقالات

توسيع قاعدة المنتفعين

لقد عملت وشاهدت خلال عملي الوظيفي العديد من القادة الإداريين، منهم من نجح، ومنهم من فشل.
والنجاح له مؤشرات يعرفها الجميع وتُدرّس في كليات الإدارة. هناك من يفرّق بين نجاح القائد ونجاح المنظمة التي يتولى قيادتها ويشغل أعلى مرتبة فيها، ولكني أرى أن نجاح المنظمة ونجاح قادتها متكاملان. ومن أبرز معايير نجاح المنظمة، سواء كانت تعليمية أو صحية أو غيرها، ما يلي:
1. الكفاءة العالية (Effective).
2. الفاعلية المتميزة (Efficient).
3. الإنتاجية العالية (Productivity).
4. السرعة المعيارية (Speed).
5. الجودة والخلو من الأخطاء (Quality).
6. الوضوح والعمل المؤسسي (Clarity).
7. البقاء والاستدامة (Sustainability).

ومن خلال المشاهدة والاستنباط، اتضح أن أبرز أسباب النجاح والبقاء هو توسيع قاعدة المستفيدين، حيث توجد علاقة ارتباط إيجابية بين توسيع قاعدة المنتفعين وطول عمر المنظمة، وبالتالي زيادة مدة بقاء قادتها في مناصبهم وربما ترقيتهم لمناصب أعلى. وتتمثل استراتيجية توسيع قاعدة المنتفعين في عدد من التطبيقات، ومنها ما يلي:
1. تطبيق العدل في توزيع مزايا المنظمة المالية والمعنوية.
2. التحقق من شمول المزايا المالية والمعنوية لجميع منسوبي المنظمة دون تمييز، وتطبيق مبدأ “ليس منا محروم”.
3. نبذ الشللية التي تسبب الشلل للمنظمة وتقتل الانتماء والولاء.
4. الشفافية العالية، والنزاهة، والمصداقية في تعميم النفع.
5. منع جور الاستحواذ، وإيجاد ضوابط نظامية تضبط السلوك الوظيفي من الانحراف.
6. إدراك ردة الفعل الطبيعية للمحرومين، وتوقع توظيف ردود أفعالهم لهدم المنظمة وفقًا لما هو معلوم من نظريات الميكيافيلية.
7. أخذ العبرة من تجارب غيرهم، فالناس أساتذتي؛ المخطئ عبرتي، والمصيب قدوتي.
8. من الطبيعي أن يوجد تفاوت في مقدار الانتفاع، ولكن غير الطبيعي أن تتلاشى أعداد المنتفعين، والأسوأ وجود أعداد محرومة.
9. يجب ألا يكون من ضمن العقوبات التأديبية الحرمان التام من حصول الموظف على كل مزايا الوظيفة المادية والمعنوية طوال بقائه في الوظيفة، أيًّا كان خطؤه.
10. ما هو أسوأ من الحرمان هو إنكار وجود الحرمان والادعاء بأن ذلك غير موجود، رغم أن الوثائق والقرارات تثبت ذلك، وكما يقول المثل: “شين وقرة عين”.

الخلاصة:
إن توسيع قاعدة المنتفعين استراتيجية بقاء وديمومة، ولا بد من زيادة أعداد المنتفعين لكي يكون لديهم حافز للاستمرار في العطاء، ولكي تتجنب المنظمة ردود أفعال تنهي وجودها، خاصة منظمات الأعمال.

وهذه الاستراتيجية ليست حصرًا على الحالة الوظيفية، بل تشمل غيرهم مثل الأغنياء، حيث يجب أن يكونوا شموليين، وألا يستأثروا بكل شيء لأنفسهم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يعد توسيع قاعدة المنتفعين أحد الأسس الراسخة لضمان استدامة المنظمات ونجاحها، سواء كانت تعليمية، صحية، أو غيرها من القطاعات. وهذا المقال يضع إطارًا علميًا واستراتيجيًا واضحًا يعكس عمق الفهم الإداري والقيادي للأستاذ الدكتور محمد بن ناصر البيشي.

    التحليل العلمي للرؤية المطروحة:

    1. العلاقة التبادلية بين القائد والمنظمة: تسليط الضوء على تكامل نجاح القائد مع نجاح المنظمة يُعد منظورًا شاملًا يعكس أهمية القيادة الفاعلة في توجيه مسار المنظمة لتحقيق أهدافها.

    2. معايير النجاح والاستدامة: تضمين معايير مثل الكفاءة، الفاعلية، والجودة يرسخ أهمية التميز المؤسسي في استقطاب رضا المنتفعين وولائهم.

    3. توسيع قاعدة المنتفعين كاستراتيجية بقاء: يُظهر المقال وعيًا عميقًا بتأثير عدالة التوزيع والشفافية على تعزيز ولاء الأفراد وثقتهم بالمنظمة، مما يقلل من احتمالية نشوء صراعات داخلية تؤثر على بقائها.

    4. إدارة التنوع في الانتفاع: الإقرار بوجود تفاوت طبيعي في مقدار الانتفاع، مع الدعوة إلى تقليص الحرمان التام، يعكس منظورًا إنسانيًا يتوافق مع مبادئ الإدارة الحديثة التي تسعى لخلق بيئة محفزة ومنصفة.

    أهمية الطرح الشمولي:
    لا تقتصر هذه الرؤية على المجال الوظيفي، بل تمتد لتشمل الأدوار المجتمعية للأثرياء وأصحاب القرار، مما يعزز التكاتف المجتمعي ويقلل الفجوات الاجتماعية.

    خاتمة:
    إن هذا الطرح يبرز دور القائد ليس فقط في إدارة المنظمة، بل في تعزيز استدامتها من خلال إشراك أكبر عدد ممكن من المنتفعين في مسيرة نجاحها. وتُعد هذه الرؤية بمثابة دعوة لقيادات اليوم لتبني نهج أكثر شمولية وعدالة لضمان استمرار العطاء والولاء على المدى البعيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى