المقالات

شتاء السوريين… ماذا وراءه؟

لم يتوقع السوريون، ولا المتعاطفون معهم في شتى بقاع الأرض، أن تنكشف الغمة عن الشعب السوري بهذه الصورة، وأن تتحقق ثورتهم في طرد المليشيات التي كانت السبب الأساسي في استمرار الفساد بسوريا. فقد كانت هذه المليشيات هي الحاكم الفعلي، وليس النظام وحده الذي سقط.

من أهم الدروس المستخلصة من الحالة السورية أن أي مشروع تقوده مليشيا، مهما بدا قوياً أو طال أمده، مصيره الفشل والهزيمة. وللأسف، فإن بعض الدول العربية التي تخضع لسيطرة مليشيات إرهابية تسير على نفس الطريق، ولن يكون مآلها مختلفًا عن مصير المليشيات في سوريا؛ الهروب والهزيمة، تاركة خلفها الخراب والدمار.

كان الشتاء السوري بداية لتخليص الشرق الأوسط من هذه المليشيات السامة التي مزقت بعض دوله وأثرت سلبًا على نسيجه الاجتماعي والسياسي. إن شتاء سوريا هذا العام ليس كأي شتاء؛ بل هو شتاء يحمل تباشير العودة والفرج، شتاء لن يذوق فيه المهجرون والنازحون برد العراء ولا قسوة المنافي، بل دفء المساكن وأمان الأرض وطمأنينة السلام.

يحق للسوريين أن يفرحوا بهذا الشتاء الذي يبشر بربيع آتٍ، ربيع خالٍ من الظلم والقهر. وكما قال شاعرهم:

سلامٌ من صَبَا بَرَدَى أَرَقَّ
ودَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

هذه الدموع، التي كانت يومًا دموع الحزن، باتت اليوم دموع الفرح، تختلط بزخات الثلوج التي تتساقط على سفوح جبال دمشق وأوديتها الخلابة.

إن وراء شتاء السوريين يومًا ثقيلًا يتطلب إشعال شموع الأمل، وحمد الله على خروج المليشيات من أرضهم بلا رجعة. إنه زمن الأمل والإعمار، زمن العودة إلى الحياة الكريمة في وطن طالما حلموا باستعادته.

استاذ الإعلام الدولي ورئيس قسم الإعلام بجامعة أم القرى سابقًا

د. محمد هندية

استاذ الإعلام الدولي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى