المقالات

سوريا إلى الحوار والمصالحة الوطنية: “رؤية نحو مستقبل أفضل”

‏‏تعيش سوريا اليوم واحدة من أصعب الفترات في تاريخها الحديث، حيث خلفت الحرب المستمرة آثارًا مدمرة على كل المستويات، سياسية واقتصادية واجتماعية. ومع تعقّد المشهد وتشابك الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، تبرز ضرورة ملحة لإعادة النظر في المسارات المتبعة، والتوجه نحو حوار وطني شامل يقود البلاد إلى مصالحة حقيقية تعيد الاستقرار والازدهار.

‏”الفرصة في الحوار”

‏الحوار الوطني ليس مجرد شعار سياسي أو محاولة لتخفيف الضغط الداخلي والخارجي، بل هو حاجة استراتيجية تفرضها المعطيات الراهنة. الشعب السوري، الذي عانى من ويلات النزاع والنزوح والتدمير، يتطلع اليوم إلى حلول تحفظ كرامته وتعيد بناء دولته بعيدًا عن الانقسامات التي أنهكته لسنوات.

‏لا يمكن لأي طرف، سواء كان داخل سوريا أو خارجها، أن يفرض رؤية منفردة لحل الأزمة. الحوار يجب أن يكون شاملاً وشفافًا، يضم كافة القوى الوطنية بلا استثناء، ويهدف إلى بناء توافق على مستقبل البلاد بعيدًا عن الإقصاء والتهميش.

‏”المصالحة الوطنية: حجر الزاوية”

‏المصالحة الوطنية تمثل الأساس الذي يمكن أن تُبنى عليه سوريا الجديدة. ولكن، لتحقيق هذه المصالحة، يجب الاعتراف بمعاناة كل الأطراف والعمل على ترميم النسيج الاجتماعي الذي مزقته الحرب. لا يمكن أن تتحقق المصالحة إلا بتقديم التنازلات المتبادلة والعمل على جبر الضرر للضحايا وإعادة اللاجئين إلى أوطانهم بأمان.

‏كما أن المصالحة لا تعني التغاضي عن المحاسبة العادلة؛ فالشعب السوري يحتاج إلى عدالة تضمن عدم تكرار ما حدث، وتؤسس لمرحلة جديدة قوامها القانون والمؤسسات.

‏”الدور الإقليمي والدولي”

‏لا يمكن فصل الوضع السوري عن التدخلات الإقليمية والدولية التي ساهمت في تأجيج الصراع. هنا يأتي دور المجتمع الدولي في دعم مسار المصالحة والحوار بدلًا من إذكاء الانقسامات.

‏على الدول الإقليمية، خاصة المؤثرة منها، أن تلعب دورًا إيجابيًا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية، وإعادة توجيه الجهود نحو إعادة الإعمار والتنمية بدلًا من الاستمرار في صراع المصالح والنفوذ.

‏”نحو سوريا جديدة”

‏المستقبل الذي يتطلع إليه السوريون يجب أن يكون قائمًا على سيادة القانون، والعدالة الاجتماعية، والمواطنة المتساوية. لا مكان للتقسيم أو التبعية، بل يجب أن يكون الهدف هو بناء دولة عصرية تحترم تطلعات أبنائها وتستعيد مكانتها الإقليمية والدولية.

‏ختامًا، سوريا بحاجة ماسة إلى إرادة وطنية صادقة تدفع نحو الحوار والمصالحة. لقد أثبت التاريخ أن الشعوب قادرة على النهوض من أعمق الأزمات، وسوريا ليست استثناءً. الوقت قد حان لوضع السلاح جانبًا، ومد الجسور بين الفرقاء من أجل مستقبل يليق بعراقة هذا البلد وأهله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى