همس الحقيقة
السعودية تجاوزت بطولة الخليج؟ رأي يطرحه بين حين وآخر بعض الزملاء من ذوي الخبرة الطويلة كُتّاباً ونقّاداً. وهو رأي لا أتفق معه جملة وتفصيلاً، وأرى أن فيه من “الفوقية” ما يتناقض تماماً شكلاً ومضموناً مع كل أطروحاتهم، التي تأتي متزامنة مع كل إخفاق للمنتخب السعودي في أي بطولة، مسترجعين التاريخ وبطولة قارية غاب عنها الأخضر السعودي لسنوات، بما فيها كأس الخليج، التي لم يحققها إلا ثلاث مرات.
• ولو قسنا هذا الرأي المتعالي بمنتخبات أوروبية لها مشاركاتها في بطولة كأس العالم، ولها تاريخ مشرف من الألقاب التي حققتها على المستوى القاري والدولي، فهل يحق لأصوات إعلامية تنتمي لهذه المنتخبات ممارسة نفس هذه اللغة الفوقية؟ مع علمنا بوجود فوارق شاسعة وضخمة بينها وبين الكرة العربية، ما يسمح لإعلامهم بالتباهي بذلك والافتخار بتاريخهم وأمجادهم من الإنجازات العديدة، مما يدعو هذه الأصوات في الوقت نفسه إلى وضع منتخباتهم في أي مقارنة مع من لا يتساوون معهم خبرة ومشاركة وعطاء وأداء كروي، وكمًّا من البطولات، وفكر “احترافي” لم تصل إليه المنتخبات العربية، بما في ذلك المنتخب السعودي.
• صحيح أن الكرة السعودية على مستوى أنديتها ومنتخباتها حققت إنجازات تتفوق على أندية ومنتخبات خليجية، ولكن دعونا نعترف بأننا مهما حققنا من الإنجازات لا يتوافق ذلك مع ما يُصرف عليها، ولا يرتقي إلى طموحاتنا قيادة وجماهير، ولا يوازي حتى الآن ما وصلت إليه أندية ومنتخبات عالمية. والسبب أننا لم نصل إلى نفس الفكر الاحترافي الذي وصلوا إليه. وهذا ما دفع قيادتنا الحكيمة إلى إجراء تغييرات كلية في منظومة إدارة أنديتنا إدارياً وفنياً، وهي خطوات لها أبعاد كبيرة في المستقبل القريب والبعيد. ولعل السماح لأندية دوري روشن بالتعاقد مع ثمانية ثم عشرة لاعبين أجانب، ثم إقرار نظام “خصخصة” بعض الأندية واحتراف اللاعب السعودي خارجياً، هي أولى هذه الخطوات التي تقود أنديتنا ومنتخباتنا إلى الطريق الصحيح الذي يصل بالكرة السعودية إلى مصاف الأندية والمنتخبات العالمية.
• أما نظرة قيادتنا إلى بطولة كأس الخليج فما زالت كما هي، لم تتغير بما لها من أهداف كبيرة “تتجاوز” كرة القدم ومنافساتها. هذه النظرة تتخطى الآفاق الضيقة إلى وحدة خليجية تنسجم مع أهداف عُليا شكّل منها مجلس دول الخليج روابط قيمة ما زالت مستمرة وقائمة على مدى نصف قرن. هذه البطولة اهتمت أيضاً بشعوبها، وأسست علاقة متينة تضعهم كشعب واحد، مصيرهم واحد.
• اليوم تنطلق “خليجي 26” في دولة الكويت الشقيقة، ومن المتوقع أن المنتخب السعودي هو الأكثر ترشيحاً لتحقيق لقب البطولة. أم أن للمنتخبات الكويتية والعراقية والبحرينية رأياً آخر؟
0