عدم عثورنا على آثار تثبت وجود الأنبياء في عصور مختلفة، لا يعني إننا انتهينا إلى ترسيخ هذه المعلومة لتصبح حقيقة تاريخية، فنحن ما زلنا فى مرحلة الاستكشافات، وما زالت البعثات الأثرية تنقب في أجزاء مختلفة من المنطقة، وما زالت العديد من الآثار القديمة تكتشف بين الحين والآخر، وطالما لم نصل بعد إلى معرفة كل المصادر التاريخية فلا يزال أملنا كبيرا فى الوصول إلى اكتشافات جديدة تؤيد وتثبت وجود أولئك الأنبياء. على سبيل المثال، كل ما أمكن حصوله على تاريخ مصر القديمة من وثائق وجداريات ومسلات وأوراق بردى وجعران لا يتجاوز – كما يقول جان فير كوتير- ثلث هذا التاريخ، فملوك مصر القدماء يتجاوز عددهم المئات، لكن ما تم التوصل إلى تاريخهم وسيرتهم لا يتعدى الثلث، وهذا يجرنا إلى التوصل إلى حقيقة أن هناك آثار لم تكتشف بعد، وهناك آثار دمرت، وبرديات أحرقت، وهناك أيضًا تواريخ لم تكتشف، وآثار سرقت على مر العصور، وهناك تاريخ فقد، وتاريخ لم يدون أصلاً، وآثار تم محو الكتابة من عليها وأستبدلت بكتابة لملوك أحدث أرادوا طمس أعمال وسيرة من سبقهم من الملوك.
ويرى البعض أن تعذر إثبات وجود الأنبياء بشكل قاطع من خلال علم الآثار يعود بالدرجة الأولى إلى أنهم لم يبنوا المدن، ولم يشغلوا في غالبيتهم مناصب حكومية، وكان غالبيتهم من أصحاب المهن المتواضعة، وكانت السلطات على استعداد للتخلص من أي دليل عليهم بسبب دعوتهم لعبادة إله غير آلهتهم الوثنية. وبالرغم من ذلك، اكتشف علماء الآثار عام 1975 أسماء ثلاثة أنبياء في ألواح إيبلا (2500 ق.م) – إبراهيم وإسماعيل ويعقوب عليهم السلام- ذكروا في القرآن الكريم. وهنا نقع في إشكالية أن أولئك الأنبياء لم يكونوا موجودين في تلك الفترة (2500 ق.م.)، فسيدنا إبراهيم ظهر حوالى القرن العشرين قبل الميلاد.
ومن الصعب التشكيك بوجود قبور بعض أنبياء الله في الخليل في المسجد الإبراهيمي (إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة، واسحاق عليه السلام وزوجته رفقة، ويعقوب عليه السلام وزوجته لائقة، وسيدنا يوسف عليه السلام الذي نقل جثمانه من مصر ودفن في الخليل بجانب والده).
ويرى البعض أن الأنبياء الذين ذكروا في الكتاب المقدس والقرآن الكريم عرفوا في الوثائق القديمة بأسماء مختلفة، فكان اسم النبي نوح – على سبيل المثال- في الوثائق القديمة أوتنبشتيم. وقد ورد عرش بلقيس (معبد أوم أو محرم بلقيس) في القرآن الكريم، وهو دليل آخر على صحة ما ورد في الكتب السماوية من قصص الأنبياء التي تؤكدها المكتشفات الأثرية.
محرم بلقيس
كما أثبت رفيق الدجاني أن كهف أهل الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم موجود في الأردن.
ويؤكد بعض الباحثين أنه تم العثور على بقايا سفينة نوح- التي ذكر القرآن الكريم أنها استقرت على الجودي- عند الحدود بين العراق وتركيا على بعد 4 كيلومترات من سفح جبل أرارات في تركيا.
ووفق ما ذكره الباحث غسان طه ياسين فإن هناك مجموعة تسمى
Noah’s Ark Ministries International
تقول انها عثرت على حطام سفينة نوح. وكان الباحث يونج وينج شنج قد أخبر وكالة الأنباء الفرنسية أن ما تم العثور عليه لا يثبت أنه 100% حطام السفينة، لكن من المؤكد أنه تسع وتسعين وتسعة من عشرة في المئة. واكتشف الباحثون وطاقم عمل الفيلم المعني بهذا الاكتشاف حجرات خشبية يعتقد أنها كانت مخصصة للحيوانات التي أخذها نوح معه في السفينة. وأثبت الكربون المشع أن هذه الحجرات تعود إلى 4800 سنة.
Qur’an and Archeological Discoveries: Evidence from the Near East, World Journal of Islamic History and Civilization.
وتكشف نصوص ماري عن العديد من الأماكن المرتبطة بسيدنا إبراهيم، مثل مدينة ناحور، والتي ربما سميت على اسم جد سيدنا إبراهيم ناحور.
ويذكر بريان ويندل إن شيشنق عندما عاد إلى مصر بعد غزوه بلاد كنعان عام 926 ق. م. كان لديه سجل انتصارات في 150 مكانًا، وقد وثق هذه الانتصارات على جدار معبد آمون رع في الكرنك، وأمكن ملاحظة وجود خرطوشة على يسار قدم شيشنق اليمنى مكتوب عليها بالهيروغليفية “حصن/سياج إبرام”. وكان هذا المكان (الحصن) يقع في النقب، وهي المنطقة التي كان إبراهيم يرتادها خلال زياراته للملك الفلسطيني أبيمالك.
ما سبق يؤكد على أن قصص الأنبياء في الكتب السماوية ليست أساطيرًا أو خيالاً، وإنما هي قصص تعكس حقائق تاريخية لا تقبل التشكيك