المقالات

عبدالله العلي النعيم «اعترافٌ متأخر»

القدرات الفردية المتميزة شديدة الندرة فأقصى ما يُتَوَقَّع من عموم الناس أن ينفذوا ما يُحدَّد لهم من مهام وحتى التنفيذ يأتي في الكثير من الحالات ركيكًا وناقصاً وربما في اتجاه مغاير للهدف أما من يقلب الوضع البائس إلى وضع مبهج كما فعل عبدالله العلي النعيم فهذا إنسانٌ استثنائي إنه إداريٌّ فذٌّ وفريد كان النعيم مدعومًا بشكل مطلق من الملك فهد ومن الملك سلمان حين كان أميرًا للرياض لكن هذا الدعم السخي الغامر لم يكن محجوبًا عن الأمانة قبله فالفارق حققه النعيم باستثمار الدعم السخي بل المطلق من قيادة الوطن …..
هذه الصورة البهيجة هي الصورة التي انطبعت في ذهني حين أُسنِدَتْ مسؤوليات أمانة مدينة الرياض إلى عبدالله العلي النعيم كان الملك فهد وأمير الرياض قد جرَّبوا كفاءة النعيم الاستثنائية بشركة الغاز فقد مرت الشركة بارتباك شديد فتفاقمت الشكوى من كل المناطق فأُسندت إدارتها إلى النعيم فأنهى الارتباك بمنتهى الفاعلية والسرعة ……
وكانت أمانة مدينة الرياض تعاني من خلل جذري في أسلوب الأداء …..
ما زلت أتذكر التغيير الجذري خلال أيام الذي طرأ على مدينة الرياض فقد تحوَّلت أحياء الرياض إلى نشاط متدفق حيث يتواصل العمل ليلا ونهارا وكان العمل مصحوبًا بحماس شديد من كل العاملين إنها أيام استنفار فالعمل لا يفتر في أي لحظة …..
إنني حين أستعيد تلك الصورة أشعر بأن أي قول لن يستطيع أن يصوِّر ذلك التغيُّر السريع الجذري الباهر وذلك الحماس المتدفق الذي يغمر الجميع …..
إن بعض الأحداث لا يمكن استعادتها مهما حاول الكاتب أو المتحدث لأنها تكون أكبر من أي قول وأروع من أي وصف وأعظم من أي تعبير …..
في ذلك اليوم البهيج كانت أمانة مدينة الرياض موعودة مع قائد إداري فذ لا تستطيع اللغة مهما بلغت من الوضوح والكثافة أن تفيه حقه …..
في أي قطاع من قطاعات الحياة العامة المهمة فإنه حين يشتد سوء الأوضاع وحين تكون الرتابة ثقيلة وضاغطة وحين يكون الكلال مهيمنًا وخانقا وحين يشعر الناس بالاستياء الشديد والضيق البالغ وحين يبلغ الضجر والتململ حده الأقصى؛ يتطلع الجميع إلى منقذ …..
وكان عبدالله النعيم هو المنقذ في تلك الأيام لن أنسى كيف أن الناس حين يضيقون بأكوام النفايات حول بيوتهم يعمدون إلى إشعال النيران فيها فيمتلئ الجو بالدخان ويشعر الناس بالاختناق ولا مفر من هذا الدخان الخانق …..
لذلك تبقى اللغة عاجزة تمام العجز عن تصوير الفورة المثيرة التي شهدتها مدينة الرياض فقد كانت بمجيء عبدالله العلي النعيم موعودة بتغيير سريع وكثيف وخارق بدَّل الوضع وغيَّر الحال ……
لذلك أرى بأن النعيم سيبقى مغبونًا مهما قيل عنه فليس الخبر كالمعاينة وليست الأقوال نِدًّا للأفعال ولكن هكذا هو قدر الرجال الأفذاذ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى