يُعد مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الذي يتخذ من جدة مقرًا له، مؤسسة رائدة في جمع كلمة علماء الأمة الإسلامية، وتوحيد جهودهم لمواجهة القضايا المعاصرة من منظور شرعي متجدد. تأسس المجمع ليكون مرجعًا فقهيًا عالميًا يساهم في تقديم حلول شرعية مبتكرة لقضايا العصر، مع الحفاظ على الأصول الثابتة للشريعة الإسلامية.
بفضل قيادة أمينه العام، البروفيسير قطب مصطفى سانو، شهد المجمع تطورًا ملحوظًا في منهجيته وأدائه، حيث أصبح نموذجًا في الجمع بين الاجتهاد الفقهي والعمل المؤسسي الذي يخدم قضايا الأمة الإسلامية.
إنجازات المجمع وفتاويه الرائدة
مجمع الفقه الإسلامي الدولي له تاريخ حافل بالإنجازات والقرارات التي أثرت بشكل مباشر في حياة المسلمين، ومن أبرز الفتاوى والقرارات التي أصدرها:
1. الاقتصاد الإسلامي والمصارف:
أصدر المجمع قرارات محورية تتعلق بموضوعات الاقتصاد الإسلامي، مثل التعاملات المصرفية، وصيغ التمويل الإسلامي، وإصدار السندات والصكوك. وقد شكلت هذه القرارات مرجعًا هامًا للمؤسسات المالية الإسلامية حول العالم.
2. التكنولوجيا والطب:
ناقش المجمع قضايا متعلقة بالتطورات الطبية الحديثة، مثل زراعة الأعضاء، والاستنساخ، والتلقيح الصناعي، والتعامل مع الجينات البشرية. وقد أسهمت هذه القرارات في توفير إرشادات شرعية للتعامل مع التطورات العلمية المتسارعة.
3. الأسرة والمجتمع:
تناول المجمع قضايا تهم الأسرة المسلمة، مثل الطلاق الإلكتروني، وزواج القاصرات، وحقوق المرأة في الإسلام، مؤكدًا على ضرورة الموازنة بين أحكام الشريعة ومقتضيات العصر.
4. وسائل التواصل الاجتماعي:
في الدورة الخامسة والعشرين التي شاركت فيها ببحث علمي، تطرق المجمع إلى أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الفرد والمجتمع، وسبل توجيه استخدامها بما يتوافق مع قيم الإسلام، وهو موضوع شديد الأهمية في ظل التحولات الرقمية العالمية.
الدور القيادي للأمين العام البروفيسير قطب مصطفى سانو
البروفيسير قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، يقود المؤسسة بحنكة واحترافية، حيث يتميز بنشاطه المتواصل وحرصه على الإشراف المباشر على جميع التفاصيل. فهو لا يكتفي بالتوجيه من بعيد، بل يراجع ويشارك في كافة الأنشطة، مما أكسب المجمع ديناميكية جديدة وجعل قراراته أكثر ارتباطًا بواقع المسلمين.
الدورة السادسة والعشرون: استشراف المستقبل
من المنتظر أن تعقد الدورة السادسة والعشرون للمجمع في عام 2025، وتركز على موضوع “الذكاء الاصطناعي وأحكام الشريعة”. هذا الموضوع يعكس وعي المجمع بالتحديات المستقبلية، حيث يحمل الذكاء الاصطناعي تساؤلات شرعية جديدة تتعلق بالأخلاقيات، والعمل، والخصوصية، والحكم الشرعي لاستخدام هذه التقنية في شتى المجالات.
لماذا يعد المجمع ركيزة أساسية للأمة الإسلامية؟
• توحد العلماء: يجمع المجمع نخبة من علماء الأمة من مختلف المذاهب والتوجهات الفقهية، مما يجعله نموذجًا للوحدة الإسلامية.
• التجديد الفقهي: يحرص المجمع على تقديم اجتهادات شرعية تستجيب لتغيرات العصر، دون التفريط في ثوابت الدين.
• خدمة الإنسانية: لا تقتصر قرارات المجمع على المسلمين فقط، بل تسهم في تقديم حلول إنسانية تعزز القيم المشتركة.
ختامًا
مجمع الفقه الإسلامي الدولي يُجسد رسالة الإسلام في الجمع بين الأصالة والمعاصرة. فمن خلال فتاويه وإنجازاته، أصبح المجمع منارة هدى للمسلمين في جميع أنحاء العالم، ومرجعًا علميًا رائدًا في مواجهة تحديات العصر.
ونحن نترقب انعقاد الدورة السادسة والعشرين، نستبشر خيرًا بما سيقدمه المجمع من اجتهادات جديدة تُسهم في تأصيل العلاقة بين التكنولوجيا الحديثة والشريعة الإسلامية، وتؤكد دوره الريادي في استشراف مستقبل الأمة الإسلامية.
نسأل الله أن يوفق القائمين على المجمع لكل خير، وأن يبارك في جهودهم لخدمة الأمة الإسلامية في كل زمان ومكان.
• عضو مجلس الأوروبي للقيادات المسلمة