نشهد اليوم مع الذكاء الاصطناعي؛ تطورات متعددة في مختلف المجالات التي تجاوزت الحدود الحالية؛ وبعض هذه الاتجاهات يمكن أن تشمل الذكاء الاصطناعي العام “AGI” الذي يتسم بالقدرة على التفكير بشكل عام مثل الإنسان، ويستطيع تعلم أي مهمة بشرية دون الحاجة لتدريب خاص.
التكامل بين الإنسان والآلة؛ بل ويمكن أن يكون هناك تقدم في الدمج بين البشر والتكنولوجيا؛ كتحسين القدرات البشرية عبر التكنولوجيا الحيوية مثل: زرع الشرائح في الدماغ؛ لتعزيز الذكاء والذاكرة.
ويُعرف مفهوم “الحوسبة الكمومية” بالاعتماد على المبادئ الكمومية؛ التي قد تغير بشكل جذري قدرة أجهزة الكمبيوتر على معالجة البيانات وحل المشكلات المعقدة؛ في حين يمكن إيجاد روبوتات متطورة قادرة على فهم وتحليل بيئات معقدة واتخاذ قرارات بشكل مستقل في نواحي مختلفة، إلى جانب تكنولوجيا الإدراك العصبي بتطوير تقنيات لفهم كيفية عمل الدماغ البشري، وربما إنشاء “أدمغة صناعية” قادرة على محاكاة الدماغ البشري؛ كما سيكون على أعتاب هذه المرحلة الجديدة التواصل بين الكائنات الحية، فقد يتطور المجال ليشمل أداة تساعد في التواصل بين البشر والحيوانات أو حتى بين الكائنات الحية المختلفة عبر الذكاء الاصطناعي، مما قد يكون له تأثيرات كبيرة على حياتنا اليومية.
وسوف يقدم الذكاء الاصطناعي تجارب مخصصة في الصحافة بشكل أكبر، عبر “الإعلام التفاعلي والتمكين الشخصي”؛ من خلال تحليل اهتمامات القراء وسلوكهم، وطريقة إنتاج وتوزيع الأخبار والمعلومات؛ فقد يتم إنتاج محتوى صحفي يتكيف مع تفضيلات الفرد ويوفر له الأخبار بطريقة تفاعلية؛ مثل: استخدام الذكاء الاصطناعي لصناعة تقارير مرئية أو نصية بناءً على ما يهم كل شخص.
ويمكن للذكاء الاصطناعي التحقق التلقائي من الحقائق؛ فمع ازدياد الأخبار المزيفة والمعلومات المغلوطة، يفرض الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة في التحقق من الحقائق بشكل سريع وفعال؛ فيمكن أن تتحقق تلقائيًا من المصادر والمعلومات قبل نشرها؛ مما قد يؤدي إلى تطور الإعلام مع الصحافة المدمجة مع الواقع المعزز والافتراضي؛ بحيث يتمكن الصحفيون من تقديم تقارير غامرة وتجارب إعلامية تتيح للقراء أو المشاهدين أن يشعروا وكأنهم داخل القصة نفسها.
كما سيقدم الذكاء الاصطناعي في صحافة البيانات تحليل كميات ضخمة من البيانات وتقديم رؤى وتحليلات متعمقة للصحافيين؛ مما يساعد في صناعة تقارير قائمة على البيانات في الوقت الحقيقي، إلى جانب تحسين الكفاءة في كتابة الأخبار اليومية؛ وخاصة في تقارير الطقس والرياضة والأخبار المالية؛ ناهيك عن تقليل الذكاء الاصطناعي للتكاليف في غرف الأخبار من خلال أتمتة العديد من المهام التقليدية كالتحرير والكتابة الأولية.
ويمكن في مجال الصحافة المستقلة والنزاهة؛ تعزيز الذكاء الاصطناعي للشفافية في وسائل الإعلام؛ بكشف التحيزات الإعلامية أو التأثيرات الخارجية على التقارير الصحفية، مما يمكن الصحافة من الحفاظ على المعايير الأخلاقية العالية، وقد يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل الاتجاهات والبيانات المستقبلية للتنبؤ بالأحداث القادمة، بما فيها الاتجاهات السياسية أو الاقتصادية؛ وبالتالي إنشاء تقارير حول ما قد يحدث في المستقبل بناءً على البيانات الحالية، إلى جانب أنه يمكن أن تؤدي خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى تقوية التحيزات الموجودة في البيانات؛ مما يعكس التحيزات في المحتوى الإعلامي، وقد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل التنوع البشري في وجهات النظر الصحفية، مما يعرض الصحافة لخطر فقدان البعد الإنساني والإبداعي، بل أنه تثار العديد من الأسئلة الأخلاقية حول دور الذكاء الاصطناعي في صناعة الأخبار؛ مثل: من يتحمل المسؤولية إذا تم نشر معلومات غير دقيقة أو مضللة ؟!
وتبقى صحافة الذكاء الاصطناعي مجالاً ناشئاً بين تقنيات الذكاء الاصطناعي وعالم الصحافة والإعلام؛ حيث تهدف هذه الصحافة إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين وتطوير إنتاج الأخبار؛ سواءً في جانب جمع البيانات، أو تحليل المعلومات، أو حتى في كتابة المقالات والتقارير، ومن الملامح الرئيسية لهذا المجال، إنتاج تقارير مكتوبة بسرعة ودقة، خاصة في المواضيع التي تعتمد على البيانات والتي منها النتائج الرياضية أو البيانات المالية، وتحليل البيانات الكبيرة باستخدام تقنيات مثل: التعلم الآلي؛ تحليل كميات ضخمة من البيانات واستخلاص الأنماط والاتجاهات التي تساعد الصحفيين في توجيه تقاريرهم.
ووصل الذكاء الاصطناعي للتحقق من الأخبار؛ بتصحيح المعلومات المغلوطة والتحقق من الأخبار؛ عبر أدوات مخصصة لتحليل محتوى الأخبار والتأكد من صحتها، والتنبؤ بالمواضيع الرائجة أو المستقبلية بناءً على التحليل المستمر للبيانات؛ مما يتيح للصحف ووسائل الإعلام التفاعل مع الأحداث قبل وقوعها، وأيضاً يمكن للذكاء الاصطناعي تخصيص الأخبار للمستخدمين بناءً على اهتماماتهم، مما يعزز من تجربة القارئ.