لا حديث اليوم في الإعلام الأمريكي أبرز من الحديث عن قلقهم – كما يدّعون – من خطورة تحرك تنظيم الدولة في سوريا، وكأنهم يقولون للثوار السوريين: إما أن تقبلوا بقاءنا معكم في سوريا من خلال دعمنا وتحالفنا مع قوات سوريا الديمقراطية، أو تتحملوا مسؤولية تحرك تنظيم الدولة واستئناف نشاطه في سوريا!
وإسرائيل، من ناحيتها، قد اصطادت في الماء العكر وما زالت تواصل الاصطياد. فمنذ هروب بشار الأسد وهي تقصف جميع الأهداف الحيوية في سوريا، وتتوسع في انتشارها وسيطرتها على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية. فلم تعد إسرائيل مقتنعة باحتلالها لهضبة الجولان فقط، وإنما توسعت بشكل أكبر في عمق الأراضي السورية. ولهذا، فإن سوريا معرّضة للفوضى والتقسيم والاقتتال والاحتلال من قبل الأمريكيين والإسرائيليين. وما حدث في العراق بعد سقوط صدام حسين قد يتكرر بجميع تفاصيله في سوريا، وبالتالي يكون العرب قد خسروا دولتين عربيتين من أهم وأكبر الدول العربية.
نعم، من أسقط صدام حسين هي قوات الاحتلال الأمريكي، ومن أسقط بشار الأسد هي قوات المعارضة السورية. وهنا يبرز الاختلاف بين الحالتين، مما قد يكسب الحالة في سوريا صلابة وقوة في الاحتفاظ بإنجازات ونجاح الثورة على أيدي السوريين وليس على أيدي الغزاة المحتلين من الخارج.
ولكن لتحقيق ذلك، يجب على قادة المعارضة السورية احتواء جميع الفصائل السورية، وعدم إقصاء السوريين عموماً من المشاركة في الحياة السياسية السورية الجديدة. وليحذر الجميع من الفرقة والتشتت والتناحر والخلاف، الذي قد ينشأ بينهم بسبب التنافس على السلطة. وحتى يتم هذا التآلف بين أفراد الشعب السوري عموماً، لابد من تحرك الدول العربية سريعاً لدعم استقرار سوريا والمحافظة على سيادة ووحدة أراضيها.
ولن يتأتى ذلك إلا بهمة عربية موحدة، فاعلة وسريعة، حتى لا يحدث في سوريا ما حدث في العراق. فالعرب، بعد سقوط النظام العراقي، أداروا ظهورهم ولم يلتفتوا للعراقيين، فوجدت إيران الفرصة وأمسكت بزمام الأمور وبجميع مفاصل الدولة في العراق، وما زالت حتى الآن!
أتمنى، كما يتمنى جميع العرب، أن لا تتكرر تجربة العراق في سوريا. ولو تكررت – لا سمح الله – فلا أحد يدري على من يكون الدور في قادم الأيام ضمن المخطط الصهيوغربي لإعادة تنظيم شرق أوسط جديد. حمى الله بلادنا الغالية وجميع بلاد المسلمين مما يحاك من المؤامرات والمخططات الخبيثة.